أدوا هذا لذوو أمانة. فقال علي: إنك عففت فعفت الرعية.
فلما جمعت الغنائم قسم سعد الفيء بين الناس بعدما خمسه، وكانوا ستين ألفا، فأصاب الفارس اثني عشر ألفا، وكلهم كان فارسا نيس فيهم راجل، ونفل من الأخماس في أهل البلاء وقسم المنازل بين الناس، وأحضر العيالات فأنزلهم الدور فأقاموا بالمدائن حتى فرغوا من جلولاء وحلوان، وتكريت، والموصل، ثم تحولوا إلى الكوفة، وأرسل سعد في الخمس كل شيء أراد أن يعجب منه العرب وما كان يعجبهم أن يقع، وأراد إخراج خمس القطيف فلم تعتدل قسمته، وهو بهار كسرى، فقال للمسلمين: هل تطيب أنفسكم عن أربعة أخماسه فنبعث به إلى عمر يضعه حيث يشاء؟ فإنا لا نراه ينقسم وهو بيننا قليل وهو يقع من أهل المدينة موقعا. فقالوا: نعم. فبعثه إلى عمر. والقطيف بساط واحد طوله ستون ذراعا وعرضه ستون ذراعا مقدار جريب كانت الأكاسرة تعده للشتاء إذا ذهبت الرياحين شربوا عليه فكأنهم في رياض فيه طرق كالصور، وفيه فصوص كالأنهار أرضها مذهبة، وخلال ذلك فصوص كالدر، وفي حافاته كالأرض المزروعة والأرض المبقلة بالنبات في الربيع والورق من الحرير على قضبان، الذهب وزهره الذهب والفضة، وثمره الجوهر وأشباه ذلك، وكانت العرب تسميه القطيف.
فلما قدمت الأخماس على عمر نفل منها من غاب ومن شهد من أهل البلاء، ثم قسم الخمس في مواضعه. ثم قال: أشيروا على في هذا القطيف فمن بين مشير بقبضه، وآخر مفوض إليه، فقال له علي: لم يجعل الله علمك جهلا، ويقينك شكا إنه ليس لك من الدنيا إلا ما أعطيت فأمضيت، أو لبست فأبليت، أو أكلت فأفنيت، وإنك إن تبقه على هذا اليوم لم تعدم في غد من يستحق به ما ليس له. فقال: صدقتني، ونصحتني. فقطعه بينهم فأصاب