الطرق بأهل أذربيجان والباب، وأهل الجبال، وفارس وقالوا: لو افترقتم لم تجتمعوا أبدا، وهذا مكان يفرق بيننا، فهلموا فلنجتمع للعرب به، ولنقاتلهم فإن كانت لنا فهو الذي نحب، وإن كانت الأخرى كنا قد قضينا الذي علينا وأبدينا عذرا.
فاحتفروا خندقا، واجتمعوا فيه على مهران الرازي، وتقدم يزدجرد إلى حلوان وأحاطوا خندقهم بحسك الحديد إلا طرقهم.
فبلغ ذلك سعدا، فأرسل بذلك إلى عمر، فكتب إليه أن عمر: أن سرح هاشم بن عتبة إلى جلولاء واجعل على مقدمته القعقاع بن عمرو، وإن هزم الله الفرس فاجعل القعقاع بين السواد والجبل على حد سوادكم، وليكن الجند اثني عشر ألفا.
ففعل سعد ذلك. وسار هاشم من المدائن بعد قسمة الغنيمة في اثني عشر ألفا منهم وجوه المهاجرين، والأنصار، وأعلام العرب ممن كان ارتد ومن لم يرتد، فسار من المدائن فمر ببابل مهروذ، فصالحه دهقانها على أن يفرش له جريب الأرض دراهم، ففعل وصالحه، ثم مضى حتى قدم جلولاء فحاصرهم في خنادقهم وأحاط بهم وطاولهم الفرس، وجعلوا لا يخرجون [إليهم] إلا إذا أرادوا وزاحفهم المسلمون نحو ثمانين يوما كل ذلك ينصر المسلمون عليهم، وجعلت الأمداد ترد من يزدجرد إلى مهران وأمد سعد المسلمين، وخرجت الفرس، وقد اختلفوا فاقتتلوا؛ فأرسل الله عليهم الريح حتى أظلمت عليهم البلاد فتحاجزوا فسقط فرسانهم في الخندق فجعلوا فيه طرقا مما يليهم تصعد منه خيلهم فأفسدوا حصنهم، وبلغ ذلك المسلمين فنهضوا إليهم وقاتلوهم قتالا شديدا لم يقتتلوا مثله إلا ليلة الهرير إلا أنه كان أعجل، وانتهى القعقاع بن عمرو من الوجه الذي زحف فيه إلى باب خندقهم، فأخذ به وأمر مناديا فنادي: يا معشر المسلمين هذا أميركم قد دخل الخندق، وأخذ به