في البنيان باللبن فقدموا عليه بخبر الحريق واستئذانه أيضا فقال: افعلوا، ولا يزيدن أحدكم على ثلاث أبيات ولا تطاولوا في البنيان، وألزموا السنة تلزمكم الدولة. فرجع القوم إلى الكوفة بذلك، وكتب عمر إلى البصرة بمثل ذلك.
وكان على تنزيل الكوفة أبو هياج بن مالك. وعلى تنزيل البصرة عاصم بن دلف أبو الجرباء وقدر المناهج أربعين ذراعا، وما بين ذلك عشرين ذراعا، والأزقة سبع أذرع، والقطائع ستين ذراعا، وأول شيء خط فيهما وبنى مسجداهما، وقام في وسطهما رجل شديد النزع فرمى في كل جهة بسهم وأمر أن يبنى ما وراء ذلك، وبنى ظلة في مقدمة مسجد الكوفة على أساطين رخام من بناء الأكاسرة في الحيرة، وجعلوا على الصحن خندقا لئلا يقتحمه أحد ببنيان. وبنوا لسعد دارا بحياله وهي قصر الكوفة اليوم بناه روزبه من آجر بنيان الأكاسرة بالحيرة، وجعل الأسواق على شبه المساجد من سبق إلى مقعد فهو له حتى يقوم منه إلى بيته، ويفرغ من بيعه.
وبلغ عمر أن سعدا قال، وقد سمع أصوات الناس من الأسواق، سكنوا عني، الصويت، وأن الناس يسمونه قصر سعد، فبعث محمد بن مسلمة إلى الكوفة وأمرها أن يحرق باب القصر ثم يرجع، ففعل، فبلغ سعدا ذلك فقال: هذا رسول أرسل لهذا، فاستدعاه سعد فأبى أن يدخل إليه فخرج إليه سعد وغرض عليه نفقة فلم يأخذ، وأبلغه كتاب عمر إليه: بلغني أنك