وفقكم الله، سلمكم الله، قبلكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، واستخلفه عليكم، وأؤديكم إليه أني لكم فنه نذير وبشير أن لا تعلوا على الله في عباده وبلاده فإنه قال لي ولكم: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) قلنا: فمتى أجلك؟ قال: دنا الفراق والمنقلب إلى الله، وسدرة المنتهى، والرفيق الأعلى، وجنة المأوى. فقلنا: من يغسلك؟ قال: أهلي [الأدنى فالأدنى] قلنا: فيم نكفنك؟ قال: في ثيابي [هذه إن شئتم] أوفي بياض. قلنا: فمن يصلي عليك؟ قال: مهلا غفر الله لكم وجزاكم عن نبيكم خيرا. فبكينا وبكى، ثم قال: [إذا غسلتموني وكفنتموني] فضعوني على سريري [في بيتي هذا] على شفير قبري ثم اخرجوا عني ساعة ليصلي علي جبرائيل، لإسرافيل، وميكائيل، وملك الموت مع الملائكة، ثم ادخلوا علي فوجا فوجا فصلوا علي ولا تؤذوني بتزكية ولا رنة [ولا صيحة، وليبدأ بالصلاة علي رجال أهل بيتي ثم نساؤهم ثم أنتم بعد] اقرؤا أنفسكم مني السلام، ومن غاب من أصحابي فاقرئوه مني السلام ومن تابعكم على ديني فأقرئوه السلام.
قال ابن عباس: يوم الخميس وما يوم الخميس ثم جرت دموعه على خديه: اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه ووجعه فقال: ائتوني بدواة وبيضاء اكتب لكم كتابا لا تضلون بعدي أبدا. فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر فجعلوا يعيدون عليه فقال: دعوني فما أنا فيه خير مما تدعونني إليه فأوصى [بثلاث] أن يخرج المشركون من جزيرة العرب، وأن يجازى الوفد بنحو مما كان يجيزهم، وسكت عن الثالثة عمد أو قال: نسيتها.