إنما ننحدر فيه انحدارا في عماية الصبح، وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي فكمنوا لنا في شعابه ومضايقه، قد تهيأوا وأعدوا له فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدت علينا شدة رجل واحد فانهزم الناس أجمعون لا يلوي أحد على أحد، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، ثم قال: أيها الناس هلموا إلي أنا رسول الله: أنا محمد بن عبد الله قاله ثلاثا، ثم احتملت الإبل بعضها بعضا إلا إنه قد بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته. منهم أبو بكر، وعمر، وعلي، والعباس، وابنه الفضل، وأبو سفيان بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وأيمن بن أم أيمن، وأسامة بن زيد قال: وكان رجل من هوازن على جمل أحمر بيده راية سوداء أمام الناس فإذا أدرك رجلا طعنه وإذا فاته الناس رفع رايته لمن وراءه فاتبعوه فحمل عليه علي فقتله.
ولما انهزم الناس تكلم رجال من أهل مكة بما في أنفسهم من الضغن، فقال أبو سفيان بن حرب: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، والأزلام معه في كنانته. وقال كلدة بن الحنبلي وهو أخو صفوان بن أمية لأمه وكان صفوان بن أمية يومئذ مشركا: الآن بطل السحر. فقال له صفوان: اسكت فض الله فاك فوالله لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن. وقال شيبة بن عثمان: اليوم أدرك ثأري من محمد - وكان أبوه قتل بأحد. قال: فأدرت به لأقتله شيء حتى تنشى فؤادي فلم أطق ذلك.
وكان العباس مع النبي صلى الله عليه وسلم آخذا بحكمة بغلته دلدل