فلما انتهى الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه إلى السماء ثم قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد! ثم أرسل عليا ومعه مال وأمره أن ينظر فه في أمرهم فودي لهم الدماء والأموال حتى إنه ليدي ميلغة الكلب، وبقي معه من المال فضلة فقال لهم علي: هل بقي لكم مال أو دم لم يؤد؟ قالوا: لا. قال: فإني أعطيكم هذه البقية احتياطا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: أصبت وأحسنت.
وقيل: إن خالدا اعتذر، وقال: إن عبد الله بن حذافة السهمي أمرني بذلك عن رسول الله، وكان بين عبد الرحمن بن عوف وخالد كلام في ذلك، فقال له: عملت بأمر الجاهلية في الاسلام فقال خالد: إنما ثأرت بأبيك، فقال عبد الرحمن: كذبت قد قتلت أنا قاتل أبي، ولكنك إنما ثأرت بعمك الفاكه. حتى كان بينهما شر فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مهلا يا خالد دع عنك أصحابي فوالله لو كان لك أحد ذهبا ثم أنفقته في سبيل الله ما أدركت غدوة أحدهم ولا روحته.
قال عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي: كنت يومئذ في جند خالد فأثرنا في أثر ظعن مصعدة يسوق بهن فتية، فقال: أدركوا أولئك. قال: فخرجنا في أثرهم حتى أدركناهم مضوا ووقف لنا غلام شاب على الطريق فلما انتهينا إليه جعل يقاتلنا ويقول:
ارفعن أطراف الذيول وارتعن * مشي حييات كأن لم تفزعن * إن تمنع اليوم النساء تمنعن فقاتلناه طويلا فقتلناه ومضينا حتى لحقنا الظعن، فخرج إلينا غلام كأنه