ولم تسمعوا مثلنا فمن دخل بنية وصدق كان أفضل منا. فقلب جرجة ترسه، ومال مع خالد، وأسلم، وعلمه الاسلام، واغتسل، وصلى ركعتين، ثم خرج مع خالد فقاتل الروم.
وحملت الروم حملة أزالوا المسلمين عن مواقفهم إلى المحامية، وعليهم عكرمة، وعمه الحارث بن هشام، فقال عكرمة [يومئذ] قاتلت مع النبي صلى الله عليه وسلم في كل موطن ثم أفز اليوم! ثم نادي: من يبايع على الموت؟ فبايعه الحارث بن هشام، وضرار بن الأزور في أربعمائة من وجوه المسلمين، وفرسانهم، فقاتلوا قدام فسطاط خالد حتى أثبتوا جميعا جراحا، فمنهم من برأ ومنهم من قتل. وقاتل خالد، وجرجة قتالا شديدا فقتل جرجة عند آخر النهار وصلى الناس الظهر والعصر، إيماء وتضعضع الروم، ونهد خالد بالقلب حتى كان بين خيلهم، ورجلهم، فانهزم الفرسان وتركوا الرجالة.
ولما رأى المسلمون خيل الروم، قد توجهت للمهرب أفرجوا لها فتفرقت، وقتل الرجالة، واقتحموا في خندقهم، فاقتحمه عليهم، وهوي فيها المقترنون وغيرهم ثمانون ألفا من المقترنين، وأربعون ألف مطلق سوي من قتل في المعركة، وتجلل القيقار، وجماعة من أشراف الروم برانسهم وجلسوا [وقالوا: لا نحب أن نرى يوم السوء إذ لم نستطع أن نرى يوم السرور وإذ لم نستطع أن نمنع النصرانية فقتلوا متزملين، ودخل خالد الخندق، ونزل في رواق تذارق، فلما أصبحوا أتى خالد بعكرمة بن أبي جهل جريحا فوضع رأسه على فخذه، وبعمرو بن عكرمة فجعل رأسه على ساقه، ومسح وجوههما، وقطر في حلوقهما الماء، وقال: زعم ابن حنتمة يعني عمر