خالد بن الوليد. فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن هذا يوم من أيام الله لا ينبغي فيه الفخر، ولا البغي أخلصوا جهادكم وأرضوا الله بعملكم، فإن هذا يوم له ما بعده، ولا تقاتلوا قوما على. نظام وتعبية، وأنتم متساندون، فإن ذلك لا يحل ولا ينبغي، وإن من وراءكم لو يعلم علمكم حال بينكم وبين هذا فاعملوا فيما لم تؤمروا به بالذي ترون أنه رأي من واليكم ومحبته. قالوا: هات فما الرأي. قال: إن أبا بكر لم يبعثنا إلا وهو يرى. أنا سنتياسر، ولو علم بالذي كان ويكون لما جمعكم إن الذي أنتم فيه أشد على المسلمين. مما قد غشيهم وأنفع للمشركين من أمدادهم، ولقد علمت أن الدنيا فرقت بينكم. فالله الله فقد أفرد كل رجل منكم ببلد لا ينتقصه منه إن دان [لأحد] من الأمراء ولا يزيده عليه أن دانوا له؛ إن تأمير بعضكم لا ينتقصكم عند الله ولا عند خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم هلموا فإن هؤلاء قد تهيأوا وإن هذا يوم له ما بعده إن رددناهم إلى خندقهم اليوم لم نزل نردهم، وإن هزمونا لم نفلح بعدها فهلموا فلنتعاور الإمارة، فليكن بعضنا اليوم والآخر غدا والآخر بعد غد حتى تتأمروا كلكم ودعوني أتأمر اليوم. فأمروه وهم يرون أنها كخرجاتهم وأن الأمر [لا] يطول.
فخرجت الروم في تعبية لم ير الراؤون مثلها قط، وخرج خالد في تعبية لم تعبها العرب قبل ذلك، فخرج في ستة وثلاثين كردوسا إلى الأربعين، وقال: إن عدوكم كثير، وليس تعبية أكثر في رأي العين من الكراديس فجعل القلب كراديس وأقام فيه أبا عبيدة، وجعل الميمنة كراديس وعليها عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة، وجعل الميسرة كراديس، وعليها يزيد بن أبي سفيان، وكان على كردوس [من كراديس أهل العراق] القعقاع بن عمرو، وجعل على كل كردوس رجلا من الشجعان.
وكان القاضي أبو الدرداء، وكان القاص أبو