على جيش عظيم هو جمهور من انتدب إليه فيهم سهيل بن عمر وفي أمثاله من أهل مكة، وشيعه ماشيا، وأوصاه وغيره من الأمراء. فكان مما قال ليزيد:
إني قد وليتك لأبلوك وأجربك وأخرجك، فإن أحسنت رددتك إلى عملك وزدتك، وإن أسأت عزلتك، فعليك بتقوي الله فإنه يري من باطنك مثل الذي من ظاهرك، وإن أولى الناس بالله أشدهم توليا له، وأقرب الناس من الله أشدهم تقربا إليه بعمله، وقد وليتك عمل خالد فإياك وعبية الجاهلية فإن الله يبغضها ويبغض أهلها، وإذا قدمت على جندك فأحسن صحبتهم، وابدأهم بالخير، وعدهم إياه، وإذا وعظتهم فأوجز، فإن كثير الكلام ينسي بعضه بعضا، وأصلح نفسك يصلح لك الناس، وصل الصلوات لأوقاتها بإتمام ركوعها وسجودها والتخشع فيها، وإذا قدم عليك رسل عدوك فأكرمهم، وأقلل لبثهم حتى يخرجوا من عسكرك، وهم جاهلون به، ولا ترينهم فيروا خللك، ويعلموا علمك، وأنزلهم في ثروة عسكرك، وامنع من قبلك من محادثتهم، وكم أنت المتولي لكلامهم، ولا تجعل سرك لعلانيتك فيخلط أمرك، وإذا استشرت فاصدق الحديث تصدق المشورة، ولا تخزن عن المشير خبرك فتؤتى من قبل نفسك، واسمر بالليل في أصحابك تأتك الأخبار، وتنكشف عندك الاستار، وأكثر حرسك، وبددهم في عسكرك وأكثر مفاجأتهم في محارسهم بغير علم منهم بك، فمن وجدته غفل عن محرسه فأحسن أدبه، وعاقبه في غير إفراط، وأعقب بينهم بالليل، واجعل النوبة الأولى أطول من الأخيرة