الثغور مع خالد، وأمرهم بالغارة فمخروا ما وراء ذلك إلى شاطيء دجلة، وكتب خالد إلى أهل فارس يدعوهم إلى الاسلام أو الجزية فإن أجابوا وإلا حاربهم، فكان العجم مختلفين بموت أردشير إلا إنهم قد أنزلوا بهمن جاذويه بهر سير ومعه غيره كأنه مقدمة لهم، وجبى خالد الخراج في خمسين ليلة، وأعطاه المسلمين، ولم يبق لأهل فارس فيما بين الحيرة. ودجلة أمر لاختلافهم بموت أردشير إلا أنهم مجمعون على حرب خالد، وخالد مقيم بالحيرة يصعد ويصوب سنة قبل خروجه إلى الشام والفرس يخلعون ويملكون ليس إلا الدفع عن بهر سير، وذلك أن شيري بن كسرى قتل كل من كان يناسبه إلى أنو شروان، وقتل أهل فارس بعده وبعد أردشير ابنه من كان بين أنو شروان. وبين بهرام جور فبقوا لم يقدروا على من يملكونه ممن يجتمعون عليه، فلما وصلهم كتب خالد تكلم نساء آل كسرى فولى الفرخزاد بن البنذوان إلى أن يجتمع آل كسرى على من يملكونه إن وجدوه.
ووصل جرير بن عبد الله البجلي إلى خالد بعد فتح الحيرة، وكان سبب وصوله اليه أنه كان مع خالد بن سعيد بن العاص بالشام فاستأذنه في المسير إلى أبي بكر ليكلمه في قومه ليجمعهم له وكانوا أوزاعا متفرقين في العرب، فأذن له فقدم على أبي بكر فذكر له ذلك وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعده به وشهد له شهود [وسأله إنجاز ذلك] فغضب أبو بكر، وقال: [له] نرى شغلنا وما نحن فيه بغوث المسلمين ممن بإزائهم [من الأسدين] فارس والروم، ثم أنت تكلفني [التشاغل] بما لا يغني [عما هو أرضى لله ولرسوله! دعني]. وأمره بالمسير إلى خالد بن الوليد، فسار حتى قدم عليه بعد فتح الحيرة، ولم يشهد شيئا مما قبلها بالعراق ولا شيئا مما كان خالد فيه من قتل أهل الردة.
(عتيبة بالتاء المثناة من فوقها وبالياء المثناة من تحتها وبالباء الموحدة).