فسيره إلى أبي بكر مع السبي.
وقيل: إن الحصار لما اشتد على من بالنجير نزل الأشعث إلى المهاجر وزياد والمسلمين فسألهم الأمان على دمه وماله حتى يقدموا به على أبي بكر فيرى فيه رأيه على أن يفتح لهم النجير، ويسلم إليهم من فيه، وغدر بأصحابه، فقبلوا ذلك منه، ففتح لهم الحصن فاستنزلوا من فيه من الملوك، فقتلوهم، وأوثقوا الأشعث، وأرسلوه مع السبي إلى أبي بكر، فكان المسلمون يلعنونه ويلعنه سبايا قومه، وسماه نساء قومه عرف النار وهو اسم الغادر عندهم، فلما قدم المدينة قال له أبو بكر: ما تراني أصنع بك؟ قال: لا علم. قال: فإني أري قتلك. قال: فإني أنا الذي راوضت القوم في عشرة فما يحل دمي. قال: إنما وجب الصلح بعد ختم الصحيفة على من فيها، وإنما كنت قبل ذلك مراوضا. فلما خشي القتل قال: أو تحتسب في خيرا فتطلق أسارى، وتقيلني عثرتي، وتفعل بي مثل ما فعلت بأمثالي وترد علي زوجتي؟ - وقد كان خطب أم فروة أخت أبي بكر فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم أخرها إلى أن يقدم الثانية فمات النبي صلى الله عليه وسلم وارتد - فإن فعلت ذلك تجدني خير أهل بلادي لدين الله. فحقن دمه ورد عليه أهله وأقام بالمدينة حتى فتح العراق، وقسم الغنائم بين الناس.
وقيل: إن عكرمة قدم بعد الفتح فقال زياد والمهاجر لمن معهما: إن إخوانكم قدموا مددا لكم فأشركوهم في الغنيمة. ففعلوا وأشركوهم.
ولما ولي عمر بن الخطاب قال: إنه لقبيح بالعرب أن يملك بعضهم بعضا، وقد وسع الله عز وجل وفتح الأعاجم واستشار في فداء سبايا العرب في الجاهلية والإسلام إلا امرأة ولدت لسيدها وجعل فداء لكل انسان ستة أبعرة أو سبعة إلا حنيفة وكندة فإنه خفف عليهم لقتل رجالهم فتتبع النساء بكل مكان فقدوهن.