ألم يبلغني أنكم خبثة خدعة، فما بالكم تتناولون حوائجكم بخرف لا يدري من أين جاء؟
فأحب عمرو أن يريه من نفسه ما يعرف به عقله وصحة ما حدثه به. قال: وحقك إني لأعرف من أين جئت؟. قال: فمن أين خرجت؟ قال: من بطن أمي. قال: فأين تريد؟ قال: أمامي. قال: وما هو؟ قال: الآخرة. قال: فمن أين أقص أثرك؟ قال: من صلب أبي. قال: ففيم أنت؟ قال: في ثيابي. قال: أتعقل؟ قال: أي والله وأقيد. قال خالد: إنما أسألك. قال: فأنا أجيبك. قال: أسلم أنت أم حرب؟ قال: بل سلم قال: فما هذه الحصون؟ قال: بنيناها للسفيه نحبسه حتى ينهاه الحليم. قال: خالد: قتلت أرض جاهلها وقتل أرضا عالمها القوم أعلم بما فيهم.
وكان مع ابن بقيلة خادم معه كيس فيه سم فأخذه خالد ونثره في يده وقال: لم تستصحب هذا؟ قال: خشيت أن تكونوا على غير ما رأيت فكان الموت أحب إلي من مكروه ادخله على قومي فقال خالد: أنها لن تموت نفسي حتى تأتي على أجلها، وقال: باسم الله خير الأسماء، رب الأرض والسماء، الذي لا يضر مع اسمه داء، الرحمن الرحيم وابتلع السم، فقال ابن بقيلة: والله لتبلغن ما أردتم ما دام أحد منكم هكذا.
وأبى خالد أن يصالحهم إلا على تسليم كرامة بنت عبد المسيح إلى شويل فأبوا فقالت لهم: هونوا وأسلموني فإني سأفتدي، ففعلوا فأخذها شويل، فافتدت منه بألف درهم فلامه الناس. فقال: ما كنت أظن أن عددا أكثر من هذا.
وكان سبب تسليمها إليه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر استيلاء