فأذن له، فكان يغزوهم قبل قدوم خالد، وأمر أبو بكر خالدا، وعياضا أن يستنفرا من قاتل أهل الردة وأن لا يغزون معهما مرتدا ففعلا، وكتبا إليه يستمدانه، فأمد خالدا بالقعقاع بن عمرو التميمي فقيل له: أتمد برجل واحد؟ فقال: لا يهزم جيش فيهم مثل هذا. وأمد عياضا بعبد بن غوث الحميري، وكتب أبو بكر إلى المثنى، وحرملة، ومعذور، وسلمى أن يلحقوا بخالد بالأبلة فقدم خالد ومعه عشرة آلاف مقاتل، وكان مع المثنى وأصحابه ثمانية آلاف.
ولما قدم خالد فرق جنده ثلاث فرق ولم يحملهم على طريق واحد، على مقدمته المثنى، وبعده عدي بن حاتم، وجاء خالد بعدهما، ووعدهما الحفير ليصادموا عدوهم، وكان ذلك الفرج أعظم فروج فارس شأنا وأشدها شوكة، فكان صاحبه أسوار اسمه هرمز، فكان يحارب العرب في البر. والهند في البحر، فلما سمع هرمز بهم كتب إلى أردشير الملك بالخبر وتعجل هو إلى الكواظم في سرعان أصحابه، فسمع أنهم تواعدوا الحفير فسبقهم إليه، ونزل به، وجعل على مقدمته قباذ وأنوشجان وكانا من أولاد أردشير الأكبر واقترنوا في السلاسل لئلا يفروا فسمع بهم خالد فمال بالناس إلى كاظمة فسبقه هرمز إليها، وكان سيئ المجاورة للعرب، فكلهم عليه حنق، وكانوا يضربونه مثلا فيقولون: أكفر من هرمز.
وقدم خالد فنزل على غير ماء فقال له أصحابه في ذلك: ما تفعل؟ فقال لهم: لعمري ليصيرن الماء لأصبر الفريقين. فحطوا أثقالهم وتقدم خالد إلى الفرس. فلاقاهم وأرسل الله سحابة فأغدرت وراء صف المسلمين فقويت قلوبهم، وخرج هرمز ودعا خالدا إلى البراز وواطأ أصحابه على الغدر بخالد