وذكرنا ما ذهب إليه هؤلاء من أن السبب في كسوف القمر أن ضوءه إنما هو شئ يقبله من الشمس، فمتى تهيأ أن يكون ظل الأرض فيما بين الشمس والقمر فستره أو ستر بعضه انكسف أو انكسف بعضه على قدر ما يستر منه وأن السبب في كسوف الشمس أن القمر يستر الشمس عنا ولذلك صار كسوف القمر إنما يعرض في وقت مقابلته للشمس، وكسوف الشمس إنما يعرض في وقت الاجتماع، وأن أقل ما يكون بين الكسوفين الشمسية والقمرية جميعا ستة أشهر قمرية وذلك على الامر الأوسط، وأنه قد يكون أن يكون بين كسوفين شمسيتين أو قمريتين خمسة أشهر، وذلك عند اتفاق شهور عظمي.
ويمكن أن يكون بين كسوفين ستة أشهر، وذلك عند اتفاق صغرى.
وأنه لا يمكن أن تنكسف الشمس في شهر واحد مرتين في موضع واحد ولا في موضعين مختلفين من الأقاليم الشمالية أبدا، وقد يمكن ذلك في موضعين مختلفين عن خط الاستواء أحدهما في الأقاليم الشمالية والآخر في الناحية الجنوبية وما ذهبوا إليه من أنه إذا كان الصيف في ناحية الشمال كان الشتاء في ناحية الجنوب، وإذا كان الصيف في ناحية الجنوب كان الشتاء في ناحية الشمال، ولأجل ذلك صار نيل مصر زائدا في الشهور الصيفية لترادف الشتاء والانداء بسائر أرض الأحابش من النوبة والزغاوة والزنج إلى جبل القمر الذي وراء خط الاستواء ومبدأ منبع عيون النيل منه، ومصب السيول إليه على ما قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب عند ذكرنا البحار والأنهار الكبار.
وكذلك الشتاء بأرض الهند سبيله سبيل شتاء أرض الأحابش واليمن على ما شاهدناه بأرض اللار الكبيرة من أرض الهند وغيرها مما ذكرنا من البلاد وذلك في سنتي 303 و 304 ويسمى هناك اليسارة.
والعلة في ذلك عند من ذكرنا كون الشمس وتنقلها في البروج من الشمال