لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ - تقي الدين محمد بن فهد المكي - الصفحة ٣٢٩
العراقي وانتفع به وهو أول من اذن له في إقرائه، وتفقه على جماعة
أذكرتنا هذه الرؤيا تنقل ابن ناصر أحد مشايخ ابن الجوزي من الأشعرية والشافعية إلى المذهب الحنبلي عملا ومعتقدا (على مصطلحهم) برؤيا رآها فسبحان قاسم العقول ومراد ابن حجر من قوله فيما سبق: اني لأود لو كنت على مذهبكم لكون الفروع فيه مبنية على الأصول التنويه باطراد تلك الأصول الناضجة وعدم ارتباكها في التفريع لكونها نتيجة فحص كامل واستقراء مديد تام لموارد النصوص من جماعة عن جماعة بخلاف مذهبه فان المنصفين من علماء المذهب الشافعي كثيرا ما يتذمرون من اضطراب في أصولهم وفروعهم قديما وحديثا كرد المرسل مطلقا ثم استثناء مرسل ابن المسيب من ذلك ثم التراجع عن ذلك ورد مراسيل ابن المسيب في زكاة الفطر بمدين من حنطة، وفي التولية في الطعام قبل استيفائه، وفي دية المعاهد وفي قتل من ضرب أباه، ثم قبول مرسل الحسن (لا نكاح الا بولي) في كتاب الام، ثم الاخذ بمراسيل طاوس وعروة وأبي امامة بن سهل وعطاء بن أبي رباحوعطاء بن يسار وابن سيرين وغيرهم، هذا في أصل واحد خالف فيه الشافعي رضي الله عنه من تقدمه من الفقهاء، وكالجمع بين الحقيقة والمجاز مع أن الحقيقة حيث لا صارف عن الموضوع له والمجاز حيث يكون هناك صارف عنه ودعوى وجود الصارف وعدم وجوده في اطلاق أحد تدافع، وكتسوية ما بين دليل طريق ثبوته قطعي ودليل طريق ثبوته ظني إلى غير ذلك مما لأمثاله كثرة في أصولهم فضلا عما لهم في المذهب القديم والجديد من الخلاف الكثير وهذا مما حير أصحابه وأتعب أمثال البيهقي في سلوكهم طرائق التكلف في الإجابة عنها حتى ترى بعضهم يسلك طريقة الاقذاع حيث تضيق حجته والله أعلم. وقد خدمت مناظراتهم طول قرون في نضوج علم الخلاف فجزاهم الله عن العلم خيرا.