القصاص فالفداء، فقال الوزير: له حكمه. فقال الفقيه: نعمك علي كثيرة، فأي حكم بقي لي؟ قال: لابد. قال: علي دين مئة دينار. فأعطاه مئتي دينار، وقال: مئة لابراء ذمته، ومئة لابراء ذمتي (1).
ما أحلى شعر الحيص بيص فيه حيث يقول:
يهز حديث الجود ساكن عطفه * كما هز شرب الحي صهباء قرقف إذا قيل عون الدين يحيى تألق ال * غمام وماس السمهري المثقف (2) قال ابن الجوزي (3): كان الوزير يتأسف على ما مضى، ويندم على ما دخل فيه، ولقد قال لي: كان عندنا بالقرية مسجد فيه نخلة تحمل ألف رطل، فحدثت نفسي أن أقيم في ذلك المسجد، وقلت لاخي مجد الدين:
أقعد أنا وأنت، وحاصلها يكفينا، ثم انظر إلى ما صرت. ثم صار يسأل الله الشهادة، ويتعرض لأسبابها، وفي ليلة ثالث عشر جمادى الأولى سنة ستين وخمس مئة استيقظ وقت السحر، فقاء، فحضر طبيبه ابن رشادة، فسقاه شيئا، فيقال: إنه سمه، فمات، وسقي الطبيب بعده بنصف سنة سما، فكان يقول: سقيت فسقيت، فمات، ورأيت أنا وقت الفجر كأني في دار الوزير وهو جالس، فدخل رجل بيده حربة، فضربه بها، فخرج الدم كالفوارة، فالتفت فإذا خاتم ذهب، فأخذته، وقلت: لمن أعطيه؟ أنتظر خادما يخرج فأسلمه إليه، فانتبهت، فأخبرت من كان معي، فما استتممت الحديث حتى جاء رجل، فقال: مات الوزير، فقال رجل: هذا محال، أنا فارقته في عافية أمس العصر، فنفذوا إلي، وقال لي ولده: لابد أن تغسله،