وجودك والدنيا إليك فقيرة * وجودك والمعروف في الناس ينكر (1) فلو رام يا يحيى مكانك جعفر * ويحيى لكفا عنه يحيى وجعفر (2) ولم أر من ينوي لك السوء يا أبا ال * مظفر إلا كنت أنت المظفر قال ابن الجوزي (3): وكان مبالغا في تحصيل التعظيم للدولة، قامعا للمخالفين بأنواع الحيل، حسم أمور السلاطين السلجوقية، وقد كان آذاه شحنة في صباه، فلما وزر، استحضره وأكرمه، وكان يتحدث بنعم الله، ويذكر في منصبه شدة فقره القديم، وقال: نزلت يوما إلى دجلة وليس معي رغيف أعبر به. وكان يكثر مجالسة العلماء والفقراء، ويبذل لهم الأموال، فكانت السنة تدور وعليه ديون، وقال: ما وجبت علي زكاة قط. وكان إذا استفاد شيئا من العلم، قال: أفادنيه فلان. وقد أفدته معنى حديث، فكان يقول: أفادنيه ابن الجوزي، فكنت أستحيي، وجعل لي مجلسا في داره كل جمعة، ويأذن للعامة في الحضور، وكان بعض الفقراء يقرأ عنده كثيرا، فأعجبه، وقال لزوجته: أريد أن أزوجه بابنتي، فغضبت الام. وكان يقرأ عنده الحديث كل يوم بعد العصر، فحضر فقيه مالكي، فذكرت مسألة، فخالف فيها الجمع، وأصر، فقال الوزير: أحمار أنت! أما ترى الكل يخالفونك؟! فلما كان من الغد، قال للجماعة: إنه جرى مني بالأمس في حق هذا الرجل ما لا يليق، فليقل لي كما قلت له، فما أنا إلا كأحدكم، فضج المجلس بالبكاء، واعتذر الفقيه، قال: أنا أولى بالاعتذار، وجعل يقول: القصاص القصاص، فلم يزل حتى قال يوسف الدمشقي: إذ أبى
(٤٢٨)