الحصن، فنزل غير مظهر خلافا، وكان رجلا صالحا، فقتله صبرا، فساء ذاك أهل قرطبة، وثارت نفوسهم، وعظم عليهم قتل أسد من أسد الله، فزحفوا إلى القصر، ففر ابن هود من قرطبة، فقصدها ابن حمدين، فأدخله أهله، وكثر الهيج، واشتد البلاء بالأندلس، وغلت مراجل الفتنة، وأما أبو محمد بن عياض، فكان على مملكة لاردة، فخرج في خمس مئة فارس، ليسعى في إصلاح أمر الأمة، وقصده أهل مرسية وبلنسية ليملكوه عليهم، فامتنع، ثم بايع أهل بلنسية عن خليفة عبد الله العباسي، ثم اتفق ابن عياض وابن هود على أن اسم الخلافة لأمير المؤمنين العباسي، وأن النظر في الجيوش والأموال لابن عياض رحمه الله، وأن السلطنة لابن هود.
قال اليسع: فكتبت بينهما عهدا هذا نصه:
كتاب اتفاق ونظام وائتلاف لجمع كلمة الاسلام يفرح به المؤمنون، انعقد بين الأمير المستنصر بالله أحمد، وبين المجاهد المؤيد أبي محمد عبد الله بن عياض، وصل الله بهما أبواب التوفيق.. إلى أن قال: وأنا لي في جزيرة الأندلس غرباء في مادة الروم، فلم لا تعزم على إذاعة العدل وتروم؟
وقد توجه نحوكم كاتبنا ابن اليسع، وكل ما عقده وفي أموركم اعتمده أمضيناه.
قال: فلما وصلت المدينة، وقرأت الكتاب، فرحوا..
إلى أن قال: فأغارت الروم على أحواز شاطبة، فبعثني عبد الله بن عياض إلى المستنصر يقول له: أنا أحتفل للقاء القوم، فلا تخرج. فلما جئته بهذه الرسالة، قال لي: إنما تريد أن تفسد ما بيني وبين الروم من وكيد الذمة، وإذا أنا خرجت، واجتمعت بملوكهم، ردوا ما أخذوه، فأعلمت ابن عياض، فقال لي: يحسب هذا أن الروم تفي له، سيتبع رأيي حين لا