حسنة، وسيعلم مبرم هذا الرأي عندكم سوء مغبته، والله حسيب من معي، وحسبنا الله وكفى. فأمر علي بن يوسف بالكف، وأنى ذلك وقد أدخلته الرعية سرقسطة، وكان ابن رذمير اللعين صاحب مملكة أرغونة من شرق الأندلس قسيسا مجربا داهية مترهبا، فقوي على بلاد ابن هود، وطواها، وقنع عماد الدولة بن هود بدار سكناه، وكان ابن رذمير لا يتجهز إلا في عسكر قليل كامل العدة، فيلقى بالألف آلافا.
قال اليسع بن حزم: حدثني عنه أبو القاسم هلال أحد وجوه العرب قال: كان بيني وبين المرابطين أمر ألجأني إلى الوفود على ابن رذمير، فرحب بي، وأمر لي براتب كبير، فحضرت معه حربا طعن عنه حصانه، فوقفت عليه ذابا عن حوزته، فلما انصرفنا إلى رشقة، أمر الصواغين بعمل كأس من ذهب رصعه بالدر، وكتب عليه: " لا يشرب منه إلا من وقف على سلطانه ". فحضرت يوما، فأخرج الكاس، وملاه شرابا، وناولني بحضرة ألف فارس، ورأيت أعناقهم قد اسودت من صدأ الدروع. قال: فناديت، وقلت: غيري أحق به، فقال: لا يشرب هذا إلا من عمل عملك. وكان هلال هذا من قرية هلال بن عامر، تاب بعد، وغزا معنا، فكان إذا حضر في الصف جبلا راسيا يمنع تهائم الجيوش أن تميد، وقلبا في البسالة قاسيا، يقول في مقارعة الابطال: هل من مزيد. أبصرته رحمه الله أمة وحده، يتحاماه الفوارس، فحدثني عن ابن رذمير وإنصافه قال: كنت معه بظاهر روطة وقد وجه إليه عماد الدولة وزيره أبا محمد عبد الله بن همشك (1)، الأمير رسولا، فطلب فارس من ابن رذمير أن يمكن من مبارزة ابن همشك، فقال:
لا، هو عندنا ضيف. فسمع بذلك ابن همشك، وأمضى ابن رذمير حاجته،