ألا ترى أن الرسول من الجانبين يكون آمنا من غير استئمان لاعتبار هذا المعنى؟ ولان الرسول إنما أتاهم لمنفعة المسلمين، فمن يكون ساعيا فيما ترجع منفعته إلى المسلمين لا يكون مفارقا لهم حكما، والمستأمن ما أتاهم لمنفعة المسلمين بل لمنفعة له خاصة، فيصير به مفارقا للعسكر حكما.
والأصل في هذا الباب ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم لطلحة بن عبيد (1) الله من غنائم بدر. وقد كان وجهه إلى ناحية الشام لمنفعة المسلمين ولم يكن حاضرا عند القتال (2).
وروى أنه بعث محيصة الأنصاري إلى أهل فدك، وهو محاصر خيبر، ففتحها وهو غايب، ثم جاء فضرب له سهم.
فعرفنا أن من كان سعيه (3) في توفير المنفعة على المسلمين فهو في الحكم كأنه معهم.
1905 ولو أن رجلين من المسلمين أو من أهل الذمة دخلا يريدان القتال فقاتلا مع المسلمين، فلم يصيبوا شيئا حتى استأمنا إلى المشركين، ثم رجعا إلى العسكر. بآخرين لا يريدان قتالا، فأصاب المسلمون غنائم، لم يكن لهم فيها شئ (4).
لأنهما حين استأمنا إلى أهل الحرب فقد تركا المحاربة معهم، ويكون حالهما بعد ذلك كحال من كان تاجرا فيهم بأمان والتحق بالعسكر على قصد