القاضي وأبو الحسن على بن العباس النوبختي الكاتب. قالوا: حدثنا أبو القاسم عبيد الله بن سليمان. قال: كنت أكتب لموسى بن بغا، وكنا بالري، وقاضيها إذ ذاك أحمد ابن بديل الكوفي، فاحتاج موسى أن يجمع ضيعة هناك كان فيها سهام ويعمرها، وكان فيها سهم ليتيم، فصرت إلى أحمد بن بديل - أو فاستحضرت أحمد بن بديل - وخاطبته في أن يبيع علينا حصة اليتيم ويأخذ الثمن فامتنع وقال: ما باليتيم حاجة إلى البيع، ولا آمن أن أبيع ماله وهو مستغن عنه فيحدث على المال حادثة فأكون قد ضيعته عليه. فقلت: إنا نعطيك في ثمن حصته ضعف قيمتها، فقال: ما هذا لي بعذر في البيع. والصورة في المال إذا أكثر مثلها إذا قل. قال: فأدركته بكل لون وهو يمتنع.
فأضجرني فقلت له: أيها القاضي ألا تفعل؟ فإنه موسى بن بغا! فقال لي: أعزك الله إنه الله تبارك وتعالى! قال فاستحييت من الله أن أعاوده بعد ذلك. وفارقته فدخلت على موسى، فقال: ما عملت في الضيعة؟ فقصصت عليه الحديث، فلما سمع أنه الله بكى، وما زال يكررها ثم قال: لا تعرض لهذه الضيعة وانظر في أمر هذا الشيخ الصالح. فإن كانت له حاجة فاقضها. قال فأحضرته وقلت له: إن الأمير قد أعفاك من أمر الضيعة، وذلك أنى شرحت له ما جرى بيننا، وهو يعرض عليك قضاء حوائجك. قال: فدعا له وقال: هذا الفعل أحفظ لنعمته، ومالي حاجة [إلا] إدرار رزقي فقد تأخر منذ شهور وأضرني ذلك. قال: فأطلقت له جاريه.
أخبرنا محمد بن عيسى الهمذاني حدثنا صالح بن أحمد الحافظ حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمروس - إملاء - قال سمعت أحمد بن بديل الكوفي - قاضيها. قال: بعث إلى المعتز رسولا بعد رسول، فلبست كمتى ولبست نعلي طاق فأتيت بابه فقال الحاجب: يا شيخ [اخلع] نعليك، فلم ألتفت إليه فدخلت إلى الثالث فقال: يا شيخ نعليك فقلت: أبا لواد المقدس أنا فأخلع نعلي؟! فدخلت بنعلي فرفع مجلسي وجلست على مصلاه فقال: أتعبناك. أبا جعفر؟ فقلت أتعبتني وأذعرتني، فكيف بك إذا سئلت عنى؟ فقال: ما أردنا إلا الخير أردنا نسمع العلم.
فقلت وتسمع العلم أيضا؟ إلا جئتني، فإن العلم يؤتى. قال: نعتب أبا جعفر. قلت له:
خلبتني بحسن أدبك، اكتب. قال: فأخذ الكاتب القرطاس والدواة فقلت له: