وعدة نواح من السواد، والشام والحرمين، واليمن وغير ذلك، وقلده القضاء سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وحمل الناس عنه علما واسعا من الحديث وكتب الفقه التي صنفها إسماعيل - يعنى ابن سحاق - وقطعه من التفسير وعمل مسندا كبيرا قرأ أكثره على الناس، ولم ير الناس ببغداد أحسن من مجلسه لما حدث، وذلك أن العلماء وأصحاب الحديث كانوا يتجملون بحضور مجلسه، حتى أنه كان يجلس للحديث وعن يمينه أبو القاسم بن منيع - وهو قريب من أبيه في السن والإسناد - وابن صاعد على يساره، وأبو بكر النيسابوري بين يديه، وسائر الحفاظ حول سريره، وتوفى في شهر رمضان سنة عشرين وثلاثمائة، وله ثمان وسبعون سنة.
وكان يذكر عن جده يعقوب حديثا لقنه إياه وهو ابن أربع سنين. عن وهب بن جرير عن أبيه عن الحسن " لا بأس بالكحل للصائم ".
حدثنا علي بن أبي على المعدل حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبيد الدقاق. قال قال لي أبو إسحاق إبراهيم بن جابر الفقيه الذي تقلد بعد ذلك القضاء:
لما ولى أبو عمر محمد بن يوسف القضاء، طمعنا في أن نتتبعه بالخطأ لما كنا نعلم من قلة فقهه، فكنا نستفتى فنقول: امضوا إلى القاضي. ونراعي ما يحكم به، فيدافع عن الأحكام مدافعة أحسن من فصل الحكم على واجبه وألطف، ثم تجيئنا الفتاوى في تلك القصص فنخاف أن نخرج إن لم نفت، فنفتي، فتعود الفتاوى إليه فيحكم بما يفتى به الفقهاء، فما عثرنا عليه بخطأة.
حدثنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي حدثنا محمد بن جعفر التميمي - بالكوفة - أخبرني أبو الحسن العروضي عن أبي عمر القاضي. قال: قدم إليه ابن النديم بن المنجم في شئ كان بينهما، فقال له ابن المنجم: إن هذا يدل بخاصة له عند القاضي. فقال أبو عمر ما أنكرها! وإنها لنافعة له عندي، غير ضارة لك. إن كان الحق له كفيناه مؤنة اجتذابه، وإن كان عليه سلمناه إليك من غير استذلال له.
أخبرني علي بن أبي على قال سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري يقول سمعت بعض شهود الحضرة القدماء يقول: كنت بحضرة أبى عمر القاضي وجماعة من شهوده وخلفائه اللذين يأنس بهم، فأحضر ثوبا يمانيا قيل له في ثمنه خمسين دينارا، فاستحسنه كل من حضر المجلس، فقال: يا غلام، هات القلانسي. فجاء، فقال: اقطع جميع هذا الثوب قلانس، واحمل إلى كل واحد من أصحابنا قلنسوة، ثم