قلت قد سمعته ينشد هذا في مجالس الأنس، قال يا سبحان الله. ويستحى أن ينشد مثل هذا حول الكعبة؟ ما تسمع الناس يقولون في نسبه؟ قلت: يقولون هو من الأزد [أزد] شنوءة ثم من ثمالة، قال قاتله الله ما أبعد غوره، أتعرف قوله:
سألنا عن ثمالة كل حي * فقال القائلون ومن ثماله فقلت محمد بن يزيد منهم * فقالوا زدتنا بهم جهاله فقال لي المبرد خل قومي * فقومي معشر فيهم نذاله قلت: أعرف هذه الأبيات لعبد الصمد بن المعدل يقولها فيه. قال: كذب والله كل من ادعى هذه غيره، هذا كلام رجل لا نسب له يريد أن يثبت له بهذا الشعر نسبا - قلت: أنت أعلم. قال لي: يا هذا قد علمت بخفة روحك على قلبي وتمكنت بفصاحتك من استحساني، وقد أخرت ما كان يجب أن أقدمه: الكنية أصلحك الله؟
قلت: أبو العباس. قال: فالاسم؟ قلت: محمد، قال: فالأب؟ قلت يزيد. قال:
قبحك الله أحوجتني إلى الاعتذار إليك مما قدمت ذكره، ثم وثب باسطا إلى يده لمصافحتي فرأيت القيد في رجله قد شد إلى خشبة في الأرض فأمنت عند ذلك غائلته. فقال لي: يا أبا العباس صن نفسك عن الدخول إلى هذه المواضع فليس يتهيأ لك في كل وقت أن تصادف مثلي في هذه الحال الجميلة، أنت المبرد، وجعل يصفق، وانقلبت عيناه، وتغيرت خلقته فبادرت مسرعا خوفا من أن تبدر منه بادرة، وقبلت والله قوله، فلم أعاود الدخول إلى مخيس ولا غيره.
حدثنا محمد بن وشاح بن عبد الله حدثنا عبد الصمد بن أحمد بن حنش الخولاني حدثنا أحمد بن محمد بن زياد القطان حدثنا أبو العباس محمد بن يزيد المبرد قال: سألت بشر بن سعد المرثدي حاجة، فتأخرت، فكتبت إليه:
وقاك الله من إخلاف وعد * وهضم أخوة أو نقض عهد فأنت المرتجى أدبا ورأيا * وبيتك في الرواية من معد وتجمعنا أواصر لازمات * سداد الأسر من حسب وود إذا لم تأت حاجاتي سراعا * فقد ضمنتها بشر بن سعد فأي الناس آمله لبر؟ * وأرجوه لحل أو لعقد