رأسه، وإذا أردت أن أكلمه خفضت رأسي، فانتهينا إلى واد لم نعرف غور مائة، وقد خلفنا العسكر وراءنا، فقال لرحالي: مكانك، حتى أتقدم فأعرف غور الماء وأطلب قلته، واتبع أنت مسيري. قال: وتقدم رجل فدخل الوادي وجعل يطلب قلة الماء وتبعه المعتصم، فمره ينحرف عن يمينه وأخرى عن شماله، وتارة يمضى لسننه، ونتبع أثره حتى قطعنا الوادي.
أخبرني الصيمري حدثنا محمد بن عمران حدثني على بن عبد الله أخبرني الحسين ابن علي بن العباس عن علي بن الحسين بن عبد الأعلى الإسكافي قال: قال لنا ابن أبي دؤاد: كان المعتصم يخرج ساعده إلى ويقول يا أبا عبد الله عض ساعدي بأكثر قوتك، فأقول والله يا أمير المؤمنين ما تطيب نفسي بذلك، فيقول إنه لا يضرني فأروم ذلك، فإذا هو لا تعمل فيه الأسنة فضلا عن الأسنان. وانصرف يوما من دار المأمون إلى داره وكان شارع الميدان منتظما بالخيم فيها الجند، فمر المعتصم بامرأة تبكى وتقول: ابني ابني. وإذا بعض الجند قد أخذ ابنها. فدعاه المعتصم وأمره أن يرد ابنها عليها فأبى، فاستدناه فدنى منه، فقبض عليه بيده، فسمع صوت عظامه، ثم أطلقه من يده فسقط وأمر بإخراج الصبي إلى أمه.
أخبرنا الأزهري حدثنا محمد بن العباس الخزاز قال حدثنا علان بن أحمد الرزاز حدثنا على بن أحمد بن العباس الجاماسبي حدثنا أبو الحسن الطويل قال سمعت عيسى بن أبان صدقة عن علي بن يحيى المنجم قال: لما أن استتم المعتصم عدة غلمانه الأتراك بضعة عشر ألفا، وعلق له خمسون ألف مخلاة على فرس، وبرذون. وبغل، وذلل العدو بكل النواحي، أتته المنية على غفلة فقيل إنه قال في حماه التي مات فيها:
* (حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون) * [الأنعام 44].
قلت: ولكثرة عسكر المعتصم وضيق بغداد عنه، وتأذى الناس به بنى المعتصم سر من رأى، وانتقل إليها، فسكنها بعسكره، وسميت العسكر، وذلك في سنة إحدى وعشرين ومائتين.
حدثنا على بن الحسين صاحب العباسي حدثنا على بن الحسن الرازي حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي حدثني جعفر بن هارون أخبرني أبي قال سمعت