الشام أيضا، فرجع إلى دمشق حيث ذكر وجوده فيها في الثاني من جمادى الأولى سنة ست وأربعين وأربعمائة.
أما زيارته الرابعة لد مشق فكانت عقب ذلك بخمس سنوات، حيث اضطر إلى الخروج من بغداد على أثر حركة أبى الحارث البساسيري فيها سنة 401 ه، وتعرض بعض الحنابلة له بالأذى، وكان الخطيب وثيق الصلة بالوزير ابن المسلمة مما قوى مركزه ببغداد ومنع خصومه عنه، فلما قتل ابن المسلمة في حركة ابن البساسيري فقد الخطيب سنده وحاميه، فخرج إلى دمشق حاملا معه عددا من الكتب التي كانت تحتويها مكتبته، وقد ذكر الخطيب أنه خرج من بغداد يوم النصف من صفر سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وأنه كان بدمشق في يوم عيد الأضحى من نفس السنة.
وقد مكث الخطيب في دمشق فترة طويلة لم يمكثها في مدينة أخرى سوى بغداد، وكان يعقد مجلسه في الجامع الأموي بدمشق حيث حدث. بمصنفاته ومصنفات غيره من مسموعاته.
ولا شك أن الخطيب أفاد علماء دمشق أكثر مما استفاد منهم، فقد استقر بينهم بعد أن نضج علمه وتكاملت ثقافته.
وقد استمر الخطيب يحدث بدمشق رغم سيطرة الفاطميين عليها وعدم ارتياحهم من نشاطه العلمي، خاصة بعد أن بلغهم أنه يحدث بكتاب " فضائل الصحابة الأربعة " لأحمد بن حنبل، " وفضائل العباس " لأبي الحسن بن رزقويه، فقامت السعاية ضده، وكادوا أن يقتلوه لولا أن أجاره الشريف أبو القاسم بن أبي الجن العلوي، واحتال في خلاصه ثم سهل له الخروج إلى صور في صفر سنة 459 ه.
وكان الخطيب قد زار صور عند عودته من الحج سنة 446 ه، ثم قدمها بعد إخراجه من دمشق، فمكث فيها من سنة 459 ه إلى سنة 462 ه.
كذلك زار الخطيب حلب وطرابلس بعد خروجه من صور سنة 462 ه، ولا يعرف متى زار الخطيب صيدا، وكذلك لا يعرف متى زار المصيصة.
أما بيت المقدس فقد زارها إثر رجوعه من الحج، وسجل وجوده فيها في رجب سنة خمس وأربعين وأربعمائة، كما كان يتردد عليها خلال إقامته في صور.