هيبة وروعة، حتى قيل له إنه الحاجب، وحمل من بعد ذلك إلى الدار التي كانت برسم الوزير، وفيها مجلس أبي الحسن علي بن محمد الفرات يومئذ، فرأى أكثر مما رآه لنصر الحاجب ولم يشك في أنه الخليفة، حتى قيل له هذا الوزير، وأجلس بين دجلة والبساتين في مجلس قد علقت ستوره واختيرت فروشه، ونصبت فيه الدسوت، وأحاط به الخدم بالأعمدة والسيوف. ثم استدعى - بعد أن طيف به في الدار - إلى حضرة المقتدر بالله، وقد جلس وأولاده من جانبيه، فشاهد من الأمر ما هاله. ثم انصرف إلى دار قد أعدت له.
حدثني الوزير أبو القاسم علي بن الحسن المعروف بابن المسلمة قال حدثني أمير المؤمنين القائم بأمر الله قال حدثني أمير المؤمنين القادر بالله حدثتني جدتي أم أبي إسحاق بن المقتدر بالله: أن رسول ملك الروم لما وصل إلى تكريت أمر أمير المؤمنين المقتدر بالله باحتباسه هناك شهرين، ولما وصل إلى بغداد أنزل دار صاعد ومكث شهرين لا يؤذن له في الوصول، حتى فرغ المقتدر بالله من تزيين قصره وترتيب آلته فيه، ثم صف العسكر من دار صاعد إلى دار الخلافة، وكان عدد الجيش مائة وستين ألف فارس وراجل، فسار الرسول بينهم إلى أن بلغ الدار ثم أدخل في أزج تحت الأرض، فسار فيه حتى مثل بين يدي المقتدر بالله وأدى رسالة صاحبه، ثم رسم أن يطاف به في الدار وليس فيها من العسكر أحد ألبتة، وإنما فيها الخدم والحجاب والغلمان السودان، وكان عدد الخدم إذ ذاك سبعة آلاف خادم، منهم أربعة آلاف بيض، وثلاثة آلاف سود، وعدد الحجاب سبعمائة حاجب، وعدد الغلمان السودان غير الخدم أربعة آلاف غلام. قد جعلوا على سطوح الدار والعلالي، وفتحت الخزائن، والآلات فيها مرتبة كما يفعل لخزائن العرائس، وقد علقت الستور ونظم جوهر الخلافة في قلايات على درج غشيت بالديباج الأسود، ولما دخل الرسول إلى دار الشجرة ورآها كثر تعجبه منها، وكانت شجرة من الفضة وزنها خمسمائة ألف درهم، عليها أطيار مصوغة من الفضة تصفر بحركات قد جعلت لها، فكان تعجب الرسول من ذلك أكثر من تعجبه من جميع ما شاهده. قال لي هلال بن المحسن:
ووجدت من شرح ذلك ما ذكر كاتبه أنه نقله من خط القاضي أبي الحسين بن أم شيبان الهاشمي وذكر أبو الحسين أنه نقله من خط الأمير - وأحسبه الأمير أبا محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر بالله - قال: كان عدد ما علق في قصور أمير المؤمنين المقتدر بالله من الستور الديباج المذهبة بالطرز المذهبة الجليلة، المصورة بالجامات