كتاب المجروحين - ابن حبان - ج ٣ - الصفحة ٦٣
بنى ربيعة من تيم الله من نجد يقال لهم بنو قفل فأعتق أبوه وكان خبازا لعبد الله ابن قفل (1) ومات أبو حنيفة سنة خمسين ومائة ببغداد، وقبره في مقبرة الخيزران.
وكان رجلا جدلا ظاهر الورع لم يكن الحديث صناعته، حدث بمائة وثلاثين حديثا مسانيد ماله حديث في الدنيا غيرها أخطأ منها في مائة وعشرين حديثا. إما أن يكون أقلب إسناده أو غير متنه من حيث لا يعلم فلما غلب خطؤه على صوابه استحق ترك الاحتجاج به في الاخبار.
ومن جهة أخرى لا يجوز الاحتجاج به لأنه كان داعيا إلى الارجاء (2) والداعية

(1) هناك تعليقات كثيرة على المخطوطة هاجمت ابن حبان لتحامله على أبي حنيفة ومما هو جم من أجله والد أبي حنيفة بأنه كان خبازا واعتبر المعلق ذلك غيبه تخرج عن حد الرأي في المحدث. وتشير هنا إلى أن جد أبي حنيفة كان أحد أمراء بلاد الأفغان " مر زيان واختلفت أقوال حفيده في مسألة أسر جده ثم عتقه قال أحدهما: " والله ما وقع لنا رق قط ". يراجع الامام الأعظم 5 (2) اتهام أبي حنيفة بالارجاء وأنه داعية إلى البدع غير مقبول من ابن حبان ومن شاركه هذا القول على إطلاقه ونلخص القول في ذلك بما جاء في كتاب اللكنوي " الرفع والتكميل 154 ":
" جمله التفرقة بين اعتقاد أهل السنة وبين اعتقاد المرجئة:
أن المرجئة يكتفون في الايمان بمعرفة الله ونحوه، ويجعلون ما سوى الايمان من الطاعات، وما سوى الكفر من المعاصي: غير مضرة ولا نافعة، ويتشبثون بظاهر حديث " من قال لا إله إلا الله دخل الجنة " وأهل السنة يقولون: لا تكفى في الايمان المعرفة، بل لابد من التصديق الاختياري مع الاقرار اللساني.
وإن الطاعات مفيدة، والمعاصي مضرة مع الايمان توصل صاحبها إلى دار الخسران.
والذي يجب علمه على العالم المشتغل بكتب التواريخ وأسماء الرجال أن الارجاء يطلق على قسمين:
أحدهما: الارجاء الذي هو ضلال.
وثانيهما: الارجاء الذي ليس بضلال. ولا يكون صاحبة عن أهل السنة والجماعة خارجا. ولهذا ذكروا أن المرجئة فرقتان: مرجئة الضلالة، ومرجئة أهلي السنة. وأبو حنيفة وتلامذته وشيوخه وغيره من الرواة الاثبات إنما عدوا من مرجئة أهل السنة لا من مرجئة الضلالة ".
ثم يقول أيضا في ختام مناقشته لهذا الموضوع " 161 ":
وخلاصة المرام في هذا المقام أن الارجاء:
قد يطلق على أهل السنة والجماعة من مخالفيهم المعتزلة الزاعمين بالخلود الناري لصاحب الكبيرة.
وقد يطلق على الأئمة القائلين بأن الأعمال ليست بداخلة في الايمان، وبعدم الزيادة فيه والنقصان - وهو مذهب أبي حنيفة وأتباعه - من جانب المحدثين القائلين بالزيادة والنقصان وبدخول الأعمال في الايمان وهذا النزاع وإن كان لفظيا كما حققه المحققون من الأولين والآخرين، لكنه لما طال وآل الامر إلى بسط كلام الفريقين من المتقدمين والمتأخرين أدى ذلك إلى أن أطلقوا الارجاء على مخالفيهم، وشنعوا بذلك عليهم، وهو ليس بطعن في الحقيقة على ما لا يخفى على مهرة الشريعة ".
أقول إذا عرفت هذا علمت أن قول ابن حبان في إطلاقه الارجاء على أبي حنيفة وأصحابه فيه اتهام غير محدد وتعمية تضلل الباحث، وهو يقصد إلى ذلك قصدا ما كان يجدر به أن يقع في مثل ذلك.
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست