أهل واسط، وأهله من سبى منبج، وولد الهيثم بالكوفة وبها نشأ، ثم انتقل إلى بغداد وسكنها ومات بها، كان من علماء الناس بالسير وأيام الناس وأخبار العرب إلا أنه روى عن الثقات أشياء كأنها موضوعة بسبق إلى القلب أنه كان يدلسها فالتزق تلك المعضلات به ووجب مجانبة حديثه على علمه بالتاريخ ومعرفته بالرجال.
ولكن (1) صناعة الحديث صناعة من لم يقنع بيسير ما سمع عن كثير ما فاته، لم يعلم فيها وإن لم يقل حديثه على الأيام لبالحري أن لا يستحليه الأنام. وكل من حدث عن كل من سمع في الأيام وبكل ما عنده عرض نفسه للقدح والملام، ولست أعلم للمحدث إذا لم يحسن صناعة الحديث خصلة خيرا له من أن ينظر إلى كل حديث يقال له: إن هذا غريب ليس عند غيرك أن يضرب عليه من كتابه ولا يحدث به لئلا يكون ممن يتفرد دائما، لو أراد الحاسد أن يقدح فيه تهيأ له. ولا يسعه أن يروى إلا عن شيخ ثقة بحديث صحيح يكون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنقل العدل من العدل موصولا.
هارون بن عنترة بن عبد الرحمن الشيباني (2): من أهل الكوفة، كنيته أبو عمرو، وهو الذي يقال له هارون بن وكيع، يروى عن أبيه، روى عنه الثوري، مات سنة اثنين وأربعين ومائة، ومنكر الحديث جدا، يروى المناكير الكثيرة حتى يسبق إلى قلب المستمع لها أنه المتعمد لذلك من كثرة ما روى مما لا أصل له، لا يجوز الاحتجاج به بحال.