الثانية (1): إن الكلام على ما يظهر مما تقدم، إنما هو في الفقيه والتهذيبين، دون الكافي، ولكن يطرد البحث فيه عند دقيق النظر.
وذلك: لأن الظاهر، بل بلا إشكال أن بناءه على منوال غيره من المشايخ، من كثرة الاهتمام بذكر المخبرين.
ومن هنا أن الظاهر أن صدور أسانيده، بل وكذا بعده من المشايخ. ومن ثم تصحيح روايات النيسابوري عن الفضل، من جماعة، بل الجميع على ما ذكره بعض، مع تصريحهم بمجهوليته، استنادا منهم إلى عدم كونه من سلسلة الواسطة في إيصال الرواية بحيث لو لم تكونوا لم تصل الرواية إلى الراوين بخلاف سلسلة الواسطة في إجازة الرواية، وقد أصابوا في هذه الحيثية الايصالية، ولكن ما حكموا بمجهوليته فقد عرفت أنه ضعيف في الغاية.
ثم إن الكلام مبني على عدم لزوم الإجازة، وأن الاستجازة لمجرد الدخول في عنوان الرواية، فذكر الواسطة حينئذ مستغنى عنه بلا ارتياب.
نعم، إن من جرى على لزوم الإجازة، كما جرى عليه الفاضل القطيفي مصرا فيه في الغاية، وتبعه بعض من تأخر، فيحكم باللزوم على الإطلاق.
وجنح إليه الحبر النحرير في خاتمة المستدرك (2)، بل استظهره من جماعة من الأعلام منهم شيخ الطائفة فيما ذكره في آخر مشيخة التهذيب، في وجه ما ذكره من الطرق المحذوفة وذكرها في المشيخة، من أن يخرج الأخبار بذلك عن حد المراسيل ويلحق بباب المسندات، مع أنه ذكر في هذه الطرق طرقه إلى ثقة الإسلام، والمذكورين في طرقه إليه من مشايخ الإجازة.