الأحاديث لما كان في زمن الصادقين عليهما السلام، وكان المذكور في الطبقة الأولى من أصحابهما وكانت روايتهم غالبا عنهما بلا واسطة، فيكفي الحكم بصحة الحديث، تصديقهم.
وأما المذكور في الطبقتين الأخيرتين، فعلى ما ذكره لما كان من أصحاب مولانا الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام، وكانت رواية الطبقة الثانية عن مولانا الباقر عليه السلام على ما ذكره مع الواسطة، والطبقة الثالثة كذلك بالنسبة إلى مولانا الصادق عليه السلام أيضا ولم يكن الحكم بتصديقهم كافيا في الحكم بصحة الحديث، فأتى بلفظ التصحيح.
ولما تحقق رواية كل من في الطبقة الثانية عن مولانا الصادق عليه السلام من غير واسطة وكذلك الطبقة الثالثة بالنسبة إلى مولانا الكاظم والرضا عليهما السلام أتى بتصديقهم أيضا، وأورد عليه تارة: بأن مراعاة مثل هذه التدقيقات في كلام القدماء، ولا سيما أهل الرجال ولا سيما الكشي غير ثابتة، بل الظاهر عدمه، فانظر إلى اشتمال عبارته على وجوه من التفنن والتسامح.
وأخرى: بأن رواية الطبقة الأولى عن الصادقين عليهما السلام مع الواسطة وعن آبائهما الأطيبين عليهم السلام كثيرة، وإن كانت قليلة بالنسبة إلى غيرها، وعلى ما أسسه رحمه الله تخرج تلك الأحاديث عن هذه القاعدة، لعدم دخولها في ضابطة التصديق، لكونها مع الواسطة، ولا في التصحيح، لكونهم من الطبقة الأولى ولا أظن أحدا يلتزم بهذا، على اختلاف مشاربهم.
وأظن الذي أوقعه في هذا المضيق كلام الشيخ البهائي في المشرق، حيث قال في عداد القرائن: (ومنها: وجوده في أصل معروف الانتساب إلى أحد الجماعة الذين أجمعوا على تصديقهم، كزرارة ومحمد بن مسلم والفضيل، أو على تصحيح ما يصح عنهم كصفوان بن يحيى ويونس بن عبد الرحمن وأحمد