ومسندا في ذلك الكتاب عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال:
كنت مع الهادي علي بن محمد (عليهما السلام) في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله)، فأتاه جماعة من أصحابه منهم أبو هاشم الجعفري وكان رجلا بليغا وكانت له منزلة عظيمة عنده (عليه السلام)، ثم دخل المسجد جماعة من الصوفية وجلسوا في جانبه مستديرا وأخذوا بالتهليل، فقال (عليه السلام): لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخداعين فإنهم خلفاء الشياطين ومخربوا قواعد الدين، يزهدون لإراحة الأجسام ويتهجدون لتصيد الأنعام، يجوعون عمرا حتى يذبحوا للإيكاف حمرا، لا يهللون إلا لغرور الناس ولا يقللون الغذا إلا لملى العساس واختلاس قلب الدفناس، يكلمون الناس بإملائهم في الحب ويطرحونهم بادليلائهم في الحب، أورادهم الرقص والتصدية وأذكارهم الترنم والتغنية، ولا يتبعهم إلا السفهاء ولا يعتقدهم إلا الحمقى، فمن ذهب إلى زيارة أحد منهم - حيا أو ميتا - فكأنما ذهب إلى زيارة الشيطان وعبادة الأوثان، ومن أعان أحدا منهم وكأنما [أعان] يزيد ومعاوية وأبا سفيان. فقال رجل من أصحابه: وإن كان معترفا بحقوقكم؟ فنظر إليه شبه المغضب وقال: دع ذا عنك، من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا، أما تدري أنهم أحسن طوائف الصوفية والصوفية كلهم من مخالفينا وطريقتهم مغايرة لطريقتنا، وإن هم إلا نصارى ومجوس هذه الأمة، أولئك الذين يجتهدون في إطفاء نور الله، والله متم نوره ولو كره الكافرون.
وروى مسندا عن الرضا (عليه السلام) أنه: " لا يقول بالتصوف أحد إلا لخدعة أو ضلالة أو حماقة ".
وأما من سمى نفسه صوفيا للتقية، فلا إثم عليه، وعلامته أن يكتفي بالتسمية فلا يقول شيء من عقائدهم الباطلة.
وفي وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لأبي ذر (رضي الله عنه):
يا أباذر يكون في آخر الزمان قوم يلبسون الصوف في صيفهم وشتائهم، يرون [أن لهم] الفضل بذلك على غيرهم، أولئك يلعنهم ملائكة السماوات والأرض (1).
وفي مواعظ عيسى (عليه السلام): فاحتفظوا من العلماء الكذبة الذين عليهم ثياب الصوف (2).
وقد أطلنا الكلام بذلك ليعلم مذهب الصوفية وحالهم، وعلم أنهم في جملة المذمومين من الرجال إن اتفق وجودهم في الأسانيد " جع ".
قوله: (وكان رواة أصحابنا [بالعراق لقوه وكتبوا منه]).
يدل هذا على أنه كان مرجعا لرواة الأصحاب فيما يرويه، وأنهم كانوا يقبلون قوله ويعتمدون عليه، ولذلك بالغوا في المراجعة فيما خرج إليهم وأنكروا ما ورد في مذمته. ثم بقي الكلام في طلب المراجعة