مجرى من كان من غير الحرم ويجري ذلك مجرى من أقام بمكة من غير أهل الحرم سنتين فإن فرضه يصير الافراد أو الاقران وينتقل عنه فرض التمتع " وأضاف العلامة في المنتهى إلى الخبر الأول شطرا من الثاني بتلخيص غير سديد واستدل بالمجموع على الحكم.
وعندي في ذلك كله نظر، للتصريح في حديث أبي جعفر (عليه السلام) بأن مورد الحكم هو حج التطوع والخبر الآخر وإن كان مطلقا إلا أن في إيراد الثاني على أثره بصورة ما رأيت إشعارا بأن موسى بن القاسم فهم منهما اتحاد الموضوع مع معونة دلالة القرينة الحالية على ذلك أيضا، فإن بقاء المكي بغير حج إلى أن يخرج ويرجع مما يستبعد عادة، والعجب أن العلامة جرد ما لخصه من الخبر الثاني عن موضع الدلالة على إرادة التطوع، وبما حررناه يظهر أنه لا دلالة للحديثين على الجواز في حج الاسلام وإنما يدلان عليه في التطوع، ولعل قوله في الأول " والاهلال بالحج أحب إلى " ناظر إلى مراعاة التقية لئلا ينافي ما وقع من التأكيد في الأمر بالتمتع في الخبر الثاني. وينبغي أن يعلم أن ما سلف ويأتي من الأخبار الكثيرة الناطقة بأفضلية حج التمتع على غيره لأهل الآفاق مصروفة أيضا إلى حج التطوع وإلا فهو في حج الاسلام متعين عليهم وقد وقع التصريح به أيضا في جملة من الاخبار وما يأتي في عدة أحاديث من تفضيل غير التمتع لهم عليه محمول على التقية كما قلناه في حكم المكي.
وبقى الكلام على قوله في الحديث أخيرا " وسأله بعد ذلك - إلى الآخر " فإن ظاهره تحتم التمتع على المقيم بمكة، وقد أوله الشيخ في الاستبصار فقال:
" إنما قال له: أنت مرتهن بالحج لأنه غلب عليه مقامه بالمدينة ولعل مقامه بها كان أكثر من مقامه بمكة فلم ينتقل فرضه إلى الافراد " مع أنه أورده في موضع