في قوله إنما الماء من الماء وما روت عن النبي عليه السلام، أنه كان يصبح جنبا، وهو صائم، على ما رواه أبو هريرة من قوله عليه السلام من أصبح جنبا، فلا صوم له لكونها أعرف بحال النبي عليه السلام. وكانوا لا يعدلون إلى الآراء والأقيسة إلا بعد البحث عن النصوص واليأس منها، ومن فتش عن أحوالهم ونظر في وقائع اجتهاداتهم علم علما لا يشوبه ريب، أنهم كانوا يوجبون العمل بالراجح من الظنين، دون أضعفهما.
ويدل على ذلك أيضا تقرير النبي عليه السلام، لمعاذ، حين بعثه إلى اليمن قاضيا، على ترتيب الأدلة وتقديم بعضها على بعض، كما سبق تقريره غير مرة. ولأنه إذا كان أحد الدليلين راجحا، فالعقلاء يوجبون بعقولهم العمل بالراجح.
والأصل تنزيل التصرفات الشرعية منزلة التصرفات العرفية.
ولهذا قال عليه السلام ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن.
فإن قيل: ما ذكرتموه معارض بالنص والمعقول.
أما النص فقوله تعالى * (فاعتبروا يا أولي الابصار) * (الحشر: 2) أمر بالاعتبار مطلقا من غير تفصيل.