الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ٢٢٢
وما خالفوا فيه أوامره عليه السلام من روايتهم ورواية غيرهم أضعاف ذلك، ولعل ذلك يتجاوز الألوف، فقد بطل كما ترى ما ادعوه من اتباع عمل النبي صلى الله عليه وسلم، وثبت أنهم أترك خلق الله لعمل نبي الله صلى الله عليه وسلم، ثم لآخر عمله ولعمل الأئمة بعده.
فإن قالوا: عمل أبي بكر. قلنا لهم وبالله التوفيق: لم ترووا في الموطأ عن أبي بكر رضي الله عنه إلا عشر قضايا، خالفتموه منها في ثمان. ورووا عنه أنه صلى بالبقرة ركعتين ووراءه المهاجرون والأنصار من أهل المدينة، فقالوا: ليس عليه العمل. ورووا عنه أن قرأ في الثالثة من المغرب بعد أم القرآن: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا الآية. فقالوا: ليس عليه العمل.
ورووا عنه أنه أمر أميرا له وجهه إلى الشام ألا يقطع شجرا مثمرا، فقالوا:
ليس عليه العمل وجائز قطع الشجرة المثمر في دار الحرب.
ورووا أنه أمره ألا يعقر شاة ولا بعيرا إلا لمأكله. فقالوا: ليس عليه العمل، وجائز عقرها في دار الحرب لغير مأكله، وهذا مما خالفوا فيه قضاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر معا - لآرائهم. ورووا أنه نهاه عن تخريب العامر فقالوا: ليس عليه العمل ولا بأس بتخريبه. ورووا عنه أنه ابتدأ الصلاة بالناس فكبر، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فتخلل الصفوف فصفق الناس، فتأخر أبو بكر وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فأتم الصلاة بالناس. فقالوا: هذه صلاة لا تجوز، وليس عليه العمل فخالفوا، كما ترى، عمل النبي صلى الله عليه وسلم وعمل أبي بكر وعمل جميع من حضر ذلك من المهاجرين والأنصار، وهم أهل العلم من أهل المدينة، برأي من آرائهم الفاسدة. ورووا أنه أمر يهودية أن ترقي عائشة رضي الله عنها. فقالوا: ليس عليه العمل، ونكره رقى أهل الكتاب.
هذا من روايتهم في الموطأ، وأما من رواية غيرهم فكثير.
ومما خالفوه أيضا: سبيه نساء أهل الردة وصبيانهم، وعمله بذلك في المدينة مع المهاجرين والأنصار إلا من خالفه في ذلك منهم فقالوا: ليس عليه العمل.
فإن قالوا: عمل عمر، قيل لهم وبالله تعالى التوفيق: رويتم عن عمر رضوان الله عليه أنه قرأ في صلاة الصبح بسورة الحج وسورة يوسف ووراءه أهل المدينة من
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258