الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ٢٢٠
على أن إيلام الظهر أشبه باستباحة الفرج من قطع اليد باستباحة الفرج لان الفرج والظهر عضوان مستوران والظهر والفرج لا يقطعان واليد تقطع وتبان فأحاط الخطأ بهم من كل وجه ورووا أنه عليه السلام أنكح رجلا امرأة بسورة من القرآن فقالوا: ليس عليه العمل وهذا لا يجوز وروورا أنه صلى الله عليه وسلم قضى في الجنين بغرة عبد أو أمة، فقالوا: ليس عليه العمل، ولكن إن كان جنين حرة ففيه خمسون دينارا، وإن كان جنين أمة ففيه عشر قيمة أمة، قياسا على بيضة النعامة يكسرها المحرم فأخطأوا في خلافهم حكم الله تعالى ورسوله عليه السلام، وأخطأوا في شرعهم ما لم يأذن به الله تعالى، وتحكموا في القيمة بلا برهان ولا هدى من الله تعالى، وأخطأوا في تفريقهم بين جنين الحرة وجنين الأمة بلا دليل، في قياس جنين الأمة على بيضة النعامة خطأ يضحك، في إيجابهم في بيضة النعامة عشر البدنة، وهم لا يرون الاشتراك في الهدي، وكل ذلك بلا دليل وبالله تعالى التوفيق وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودي عبد الله بن سهل - وهو حضري مدني - مائة من الإبل فقالوا: ليس عليه العمل، ولا يودي بالإبل إلا أهل البادية، وأما أهل الحاضرة فلا يودون إلا بالدنانير والدراهم، وتعلقوا في ذلك بعمر، وهم قد خالفوا عمر في هذا المكان نفسه، لان عمر كما جعل على أهل الذهب الذهب وعلى أهل الفضة الفضة، وكذلك جعل على أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الغنم ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة فقالوا: ليس على فعل عمر العمل في البقر والغنم والحلل. وإنما نفعل فعله في الذهب والورق والإبل خاصة. ورووا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل القسامة في قتيل وجد بخيبر، فقالوا: ليس عليه العمل، ولا يعجز أحد عن أن يلقي قتيلا قتله في دور قوم آخرين، فخالفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخالفوا عمل عمر في القسامة أيضا واحتج إسماعيل في ذلك ببقرة بني إسرائيل، فأتى بحديث لم يأت به قرآن ولا خبر عن النبي، وإنما هي خرافة في خرافات أهل الكتاب، ولو صح قولهم لكانت آية معجزة عظيمة، لا يقدرون على مثلها أبدا، وتلك الآية لم يكن فيها قسامة، فقد خالفوا عمل بني إسرائيل أيضا وقالوا: إنما القسامة في دعوى المريض أن فلانا
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258