قالوا: ليس عليه العمل. ورووا أنه عليه السلام سجد في: * (إذا السماء انشقت) * فقالوا: ليس عليه العمل. ورووا أنه صلى الله عليه وسلم: صلى بالناس جالسا وهم جلوس وراءه فقالوا: صلاة من صلى كذلك باطل، وليس عليه العمل، ورووا أن أبا بكر الصديق، رضي الله عنه ابتدأ بالصلاة بالناس فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فدخل فجلس إلى جنب أبي بكر رضي الله عنه فأتم عليه الصلاة بالناس، فقالوا: ليس عليه العمل، ومن صلى هكذا بطلت صلاته، ومن البديع أن بعضهم قال: صلاته عليه السلام في غزوة تبوك خلف عبد الرحمن بن عوف ناسخة لهذا العمل.
قال علي: وهذا كلام لو قيل لقائله أسف ما شئت واجتهد ما قدر بأن يأتي بأكثر مما أتى به لوجهين: أحدهما: أن صلاته عليه السلام خلف عبد الرحمن بن عوف - التي ادعوا أنها ناسخة - كانت في تبوك، وصلاته عليه السلام إلى جنب أبي بكر - التي ادعوا أنها منسوخة - كانت قبل موته عليه السلام بخمس ليال فقط، وهي آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس فكيف ينسخ أمر كان قبل موته عليه السلام بأشهر، أمرا كان قبل موته عليه السلام بخمس ليال؟ أيفوه بهذا من له مسكة عقل، أو يحل لمن هذا مقدار علمه وعقله أن يتكلم في دين الله عز وجل؟ وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا يقول: إن الله لا ينزع العلم بعد إذ أعطاهموه انتزاعا، ولكن ينزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون.
قال علي: والوجه الثاني من سقوط كلام هذا الجاهل: أنه حتى لو كانت صلاته عليه السلام خلف عبد الرحمن بعد صلاته خلف أبي بكر، ما كان فيها نسخ لها، لأنه ليس في صلاته خلف عبد الرحمن نهي عما في صلاته خلف أبي بكر ولا مخالفة، بل هو حكم آخر، وعلم آخر، وفي الاحتجاج المذكور عبرة لمن اعتبر، ولهم مثله كثير.
ورووا أنه عليه السلام: جمع بين الظهر والعصر في غير خوف ولا سفر، فقال مالك: أرى ذلك كان من مطر. فقالوا: ليس عليه العمل لا في مطر ولا في غيره، ورووا أنه عليه السلام أتي بصبي فبال على ثوبه فدعا بماء فأتبعه إياه ونضحه ولم يغسله. فقالوا: ليس عليه العمل، وهذا لا يطهر الثوب، ومن صلى بثوب هذا