الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ٢٢١
قتله، وقد أبطل النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبل قول أحد في ادعائه دم أحد أو ماله فقبلوا دعواه في الدم ولم يتهموه، وأبطلوا دعاواه في المال واتهموه، وكفى بذكر هذا عن تكلف رد عليه، ورووا أنه عليه السلام رجم يهوديين زنيا. فقالوا: ليس عليه العمل ولا يجوز رجمهم، وأتى بعضهم في ذلك بعظيمة تخرج عن الاسلام. وذلك أن قال: إنما رجمهما رسول الله صلى الله عليه وسلم تنفيذا لما في التوراة. فجعلوه عليه السلام منفذا لاحكام اليهود، وصانوا أنفسهم الدنية الساقطة عن ذلك، ويعيذ الله تعالى نبيه وخيرته من الانس أن يحكم بغير ما أمره الله به، وقد أمره الله تعالى أن يقول: إن أتبع إلا ما يوحى إلى ورووا أنه عليه السلام قضى بالتغريب على الزاني غير المحصن فقالوا: لا نغرب العبد لأنه ضرر بسيده، ولم يراعوا في تغريب الحر الضرر بزوجته وولده وماله وأبويه، إن كان له أبوان.
ورووا أنه عليه السلام: احتجم وهو محرم. فقالوا: ليس عليه العمل، ورووا أنه عليه السلام تطيب لاحرامه قبل أن يحرم فقالوا: ليس عليه العمل، ورووا أنه عليه السلام تطيب لحله قبل أن يطوف بالبيت فقالوا: ليس عليه العمل. ورووا أنه عليه السلام قضى بإبطال كل شرط ليس في كتاب الله عز وجل، فأجازوا أزيد من ألف شرط ليس منها واحد في كتاب الله. منها من شرط لأهل دار الحرب النزول في دار الاسلام بأسرى المسلمين وسبايا المسلمات يطؤونهن ويردونهن إلى بلاد الكفر، ويستخدمونهم ويهبونهم ويبيعونهم، وهذا شرط لا يجيزه إلا إبليس ومن اتبعه ورووا أنه السلام قسم خيبر. فقالوا: ليس عليه إلا إبليس ومن اتبعه العمل، وتركوا ذلك لايقاف عمر الأرض مع إقرارهم بأنهم لا يعرفون كيف عمل عمر في ذلك، أفيكون أعجب من ترك عمل مشهور متيقن على النبي صلى الله عليه وسلم مع جميع أصحابه لعمل مجهول لا يدرون كيف وقع بإقرارهم من عمل عمر؟ وقد خالفه في ذلك الزبير وبلال وغيرهما، ورووا أنه عليه السلام قضى بإيجاب الولاء لمن أعتق فقالوا: من أعتق سائبة فلا ولاء له.
قال علي: فهذا ما تركوا فيه عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من روايتهم في الموطأ خاصة، ولو تتبعنا ذلك من رواية غيرهم لبلغ أضعاف ما ذكرنا،
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258