رسول الله صلى الله عليه وسلم: استقبل صلاتك فإنه لا صلاة لفرد خلف الصف.
والاعتراض الثاني أن قالوا: لعل المأمور بالإعادة إنما أمره عليه السلام بذلك لعمل ما، غير انفراده في الصف. فقيل لهم: هذا تكهن لا دليل عليه، والراوي الذي نقل ذلك من الصحابة رضي الله عنهم إنما أخبر أن سبب أمره بالإعادة كان انفراده، ولم يذكر غير ذلك، وقد قال تعالى: * (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) رسول الله صلى الله عليه وسلم من وشم في الوجه، ومن غير منار الأرض، إنما لعنه لأمر ما غير هذين الفعلين، ولعله عليه السلام جلد الأمة التي زنت، ورجم ماعزا، ورجم الغامدية - لغير الزنى، ولشئ ما لم يذكر لنا. ومثل هذا من الاعتراض فإنما هو عناد ظاهر وجهل شديد وإن العجب ليطول من أصحاب أبي حنيفة الذين يأمرون المرأة إذا صلت مع الرجل إلى جنبه - أن يعيد الرجل، ومن أصحاب مالك الذين يأمرون الامام - إذا صلى في مكان مرتفع والناس تحته - أن يعيد، فإن سئلوا عن الحجة في ذلك قالوا: لأنهما صليا حيث لم يبح لهما، ولا يأمرون المنفرد خلف الصف والمصلي في مكان مغصوب بالإعادة، وكلاهما قد صلى على الحقيقة في مكان لم يبح له بلا شك، وأما الامام المصلي في المكان المرتفع، والرجل الذي صلت المرأة إلى جنبه بصلاته - وهو غير راض بذلك - فما صليا إلا كما أمر، وكما أبيح لهما، فلو عكس هؤلاء القوم أكثر مذاهبهم لأصابوا فكيف وقد صح نص قولنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما حدثنا عبد الله بن ربيع قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن السليم، حدثنا ابن الأعرابي، ثنا أبو داود السجستاني، ثنا حميد بن مسعدة: أن يزيد بن زريع حدثهم قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن زياد الأعلم، قال: أنبأنا الحسن - وهو البصري - أن أبا بكرة حدثه قال: إنه دخل المسجد ونبي الله صلى الله عليه وسلم راكع فركعت دون الصف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا ولا تعد.
قال علي: وحتى لو صح هذا الترجيح الفاسد الذي ذكرنا في أول كلامنا هذا،