الحقوق عن أموالهم، وإنما فيه سقوط العبادات عن أبدانهم، وقد قالوا بإخراج الديات والأروش وزكاة ما خرج من الأرض من مال الصبي والمجنون، وهو داخل في جملة الأغنياء وأسقطوا عنه زكاة الناض تحكما بلا برهان، فهلا قاسوا وجوب زكاة الناض عليه بوجوب زكاة ما أخرجت ثماره، عليه وبوجوب زكاة الفطر عليه؟ وهم يدينون الله تعالى بالقياس، ويعصون له أوامر الله تعالى وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن هكذا يتناقض من اتبع السبل فتفرقت بهم عن سبيل الله.
وقالوا: نرجح أحد النصين بأن يكون مؤثرا في الحكم، والآخر غير مؤثر، ومثلوا ذلك بالاختلاف في زوج بريرة أحرا كان أم عبدا.
قال علي: وهذا لا يعقل، لان التأثير الذي ذكروا تحكم بلا دليل، وليس في كونه عبدا ما يمنع من تخييرها تحت الحر، وحتى لو اتفق النقلة كلهم على أنه كان عبدا لما أوجب ذلك ألا تخيير تحت حر إذا جاء ما يوجب ذلك. وإنما نص النبي صلى الله عليه وسلم على تخيير الأمة المتزوجة إذا أعتقت، ولم يقل عليه السلام - إنما خيرتها لأنها تحت عبد، فوجب بالنص تخيير كل أمة متزوجة إذا أعتقت، ولا نبالي تحت من كانت، وليس من قال: إنها خيرت لأنها كانت تحت عبد، بأولى ممن قال: بل لأنها كانت أسود، وكل هذا لا معنى له، فكيف ولا اختلاف في الروايات، وكلها صحيح، فالذي روى - أنه كان عبدا - أخبر عن حاله في أول أمره، والذي روى - أنه كان حرا - أخبر بما صار إليه، وكان ذلك أولى لأنه كان عنده علم من تحريره زائدا على من لم يكن عنده علم ذلك.
وقالوا نرجح أحد الخبرين بأن يكون منقولا من طرق بألفاظ شتى، والآخر لم ينقل إلا من طريق واحد. ومثلوا ذلك بحديث وابصة بن معبد الأسدي في إعادة المنفرد خلف الصف، وبحديث أبي بكرة في تكبيره دون الصف، وحديث ابن عباس في رده عليه السلام إياه عن شماله إلى يمينه، وحديث صلاة جدة أنس منفردة خلف النبي صلى الله عليه وسلم.