الصبح غسلا، فقلت لعبد الرحمن: أعن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا أحدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم شئ.
قال علي: فهذا عبد الرحمن يحكي أنها أمرت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يستجز أن يقول: ومن يأمر بهذا إلا النبي صلى الله عليه وسلم، لا سيما في حياته عليه السلام، وإنما أقدم على القطع في هذا، من قل فهمه، ورق ورعه، واشتغل بالقياسات الفاسدة، عن مراعاة حديث النبي صلى الله عليه وسلم وألفاظ القرآن.
وقد قال بعضهم: إذا جاء عن صاحب فتيا من قوله، إلا أن فيها شرع شريعة أو حدا محدودا، أو وعيدا، فإن هذا مما لا يقال بقياس، ولا يقال إلا بتوقيف فاستدل بذلك على أنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال علي: وقائل هذا القول الساقط يقر أنهم رتبوا في الخمر ثمانين برأيهم، وقد أعاذهم الله تعالى من ذلك، ونحن نجد أنهم رضي الله عنهم قالوا بكل ما ذكرنا بآرائهم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي وبعد موته، فقد قال طائفة من الصحابة: حبط عمل عامر بن الأكوع، إذ ضرب نفسه بسيفه في الحرب، فأكذب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وعمر قد قال: دعني أضرب عنق حاطب فقد نافق، فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله ذلك، وفي قول عمر الذي ذكرنا إيجاب شرع في ضرب عنق امرئ مسلم، وإخبار بغيب في أنه منافق، ومثل هذا كثير مما سنذكره في باب إبطال التقليد إن شاء الله تعالى. وكل هذا فقد يقوله المرء مجتهدا متأولا ومستعظما لما يرى فمخطئ ومصيب.
وإن العجب ليكثر ممن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم كل ما ذكرنا بظنه الفاسد، وينكر أن يكون عليه السلام جلد ماعزا، وقد صح عنه عليه السلام الحكم بالجلد على المحصن مع الرجم، ونزل القرآن بجلد الزناة كلهم، وقد ذكر أبو هريرة حديث النفقة على الزوجة والولد والعبد، فقال في آخره: تقول امرأتك أنفق علي أو طلقني، فقيل له: أهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقال: لا ولكن هذا من كيس أبي هريرة.
والعجب من القائل: إن مثل هذا لا يقال بالقياس، نعني في مثل قول عائشة