ترى من أصحاب المذاهب، فإنما هم ثلاثة رجال فقط: مالك والشافعي وأبو حنيفة، ولا مزيد فقد حصلنا من كل ما نرى على ثلاثة رجال فقط، وبالله تعالى التوفيق.
وهم يخالفون هذا كثيرا، لأنهم أخذوا بقول زيد في إبطال الرد على ذوي الأرحام، وتركوا قول عمر، وعثمان، وعائشة، وابن مسعود، وابن عباس رضي الله عنهم أجمعين في ذلك. وأخذوا بقول من قال: إن القرء هو الطهر، وإنما قال به نحو ثلاثة من الصحابة، والجمهور على أنه الحيض، وقد ترك أيضا، أصحاب أبي حنيفة قول الجمهور في أشياء كثيرة.
وقالوا: نرجح أحد الخبرين بأن يعضد أحدهما خبر مرسل قال علي: وهذا لا معنى له، لان المرسل في نفسه لا تجب به حجة، فكيف يؤيد غيره ما لا يقوم بنفسه؟.
وقالوا: نرجح أحد الخبرين، بأن يكون راوي أحدهما أشد تقصيا للحديث، ومثلوا ذلك بحديث جابر، يعني الحديث الطويل في الحج.
قال علي: هذا لا معنى له، لان من حفظ أشياء كثيرة فليس ذلك بمانع أن يحفظ غيره بعض ما غاب عنه، مما جرى في تلك الأشياء التي حفظ أكثرها، وقد سمع أنس، والبراء، وحفصة من فم النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الحجة ما لم يسمع جابر، وثقفوا ما لم يثقفه جابر، فالواجب قبول الزيادة التي عند هؤلاء على ما عند جابر، وقبول الزيادة التي عند جابر على ما عند هؤلاء، فنأخذ بروايتهم كلها ولا نترك منها شيئا، وكلهم عدل صادق، وهذا الذي لا يجوز غيره.
وقالوا: نرجح أحد النصين، بأن يكون أحدهما مكشوفا، ويكون الآخر فيه حذف، فنأخذ بالمكشوف، ومثلوا ذلك بقوله تعالى: وأتموا الحج والعمرة لله مع قوله تعالى: فإن أحصر تم فما استيسر من الهدى . قالوا: لان هذه الأخيرة فيها حذف، كأنه قال تعالى: فإن أحصرتم فأحللتم.
قال علي: وهذا الذي ذكروا خطأ، لان آية الاحصار أخص من آية الاتمام، لان المحصرين هم بعض المعتمرين والحجاج، فواجب ضرورة أن يستثنوا