الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ١٨٠
ترى من أصحاب المذاهب، فإنما هم ثلاثة رجال فقط: مالك والشافعي وأبو حنيفة، ولا مزيد فقد حصلنا من كل ما نرى على ثلاثة رجال فقط، وبالله تعالى التوفيق.
وهم يخالفون هذا كثيرا، لأنهم أخذوا بقول زيد في إبطال الرد على ذوي الأرحام، وتركوا قول عمر، وعثمان، وعائشة، وابن مسعود، وابن عباس رضي الله عنهم أجمعين في ذلك. وأخذوا بقول من قال: إن القرء هو الطهر، وإنما قال به نحو ثلاثة من الصحابة، والجمهور على أنه الحيض، وقد ترك أيضا، أصحاب أبي حنيفة قول الجمهور في أشياء كثيرة.
وقالوا: نرجح أحد الخبرين بأن يعضد أحدهما خبر مرسل قال علي: وهذا لا معنى له، لان المرسل في نفسه لا تجب به حجة، فكيف يؤيد غيره ما لا يقوم بنفسه؟.
وقالوا: نرجح أحد الخبرين، بأن يكون راوي أحدهما أشد تقصيا للحديث، ومثلوا ذلك بحديث جابر، يعني الحديث الطويل في الحج.
قال علي: هذا لا معنى له، لان من حفظ أشياء كثيرة فليس ذلك بمانع أن يحفظ غيره بعض ما غاب عنه، مما جرى في تلك الأشياء التي حفظ أكثرها، وقد سمع أنس، والبراء، وحفصة من فم النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الحجة ما لم يسمع جابر، وثقفوا ما لم يثقفه جابر، فالواجب قبول الزيادة التي عند هؤلاء على ما عند جابر، وقبول الزيادة التي عند جابر على ما عند هؤلاء، فنأخذ بروايتهم كلها ولا نترك منها شيئا، وكلهم عدل صادق، وهذا الذي لا يجوز غيره.
وقالوا: نرجح أحد النصين، بأن يكون أحدهما مكشوفا، ويكون الآخر فيه حذف، فنأخذ بالمكشوف، ومثلوا ذلك بقوله تعالى: وأتموا الحج والعمرة لله مع قوله تعالى: فإن أحصر تم فما استيسر من الهدى . قالوا: لان هذه الأخيرة فيها حذف، كأنه قال تعالى: فإن أحصرتم فأحللتم.
قال علي: وهذا الذي ذكروا خطأ، لان آية الاحصار أخص من آية الاتمام، لان المحصرين هم بعض المعتمرين والحجاج، فواجب ضرورة أن يستثنوا
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258