ذلك إلا من سفه نفسه، وأنكر عقله، وقال على ربه تعالى بغير علم ولا برهان، ولعمري لقد كان ينبغي أن يستحي قائل - من غيركم -: من غير قبيلتكم، من هذا التأويل الساقط الظاهر عواره، الذي ليس عليه من نور الحق أثر.
والعجب يكثر من أصحاب أبي حنيفة الذين يقبلون اليهود والنصارى في جميع الحقوق بعضهم على بعض، وقد نهاهم الله تعالى عن قبول الفاسقين، ثم لا يقبلونهم في الوصية في السفر، وقد جاء نص القرآن بقبولهم فيها، وحسبنا الله وما عسى أن يقال في هذا المكان أكثر من وصف هذا القول البشيع الشنيع الفظيع، فإن ذكره كاف من تكلف الرد عليه، وبالله تعالى التوفيق.
وقالوا: ونرجع بأن يكون الاشتقاق يؤيد أحد النصين، ومثلوا ذلك بالشفق، وادعوا أن اشتقاقه يؤيد أنه الحمرة.
قال علي: ما سمعنا هذا في علم اللغة ولا علمناه، ولا سمع لغوي قط أن الشفق مشتق من الحمرة، وإنما عهدنا الشعراء يسمون الحمرة والبياض - المختلطين في الجدود - بالشفق على سبيل التشبيه فقط، وإنما قلنا: إن وقت العشاء الآخرة يدخل بمغيب الحمرة، لان الحمرة تسمى شفقا والبياض يسمى شفقا، فمتى غاب ما يقع عليه اسم شفق من حمرة أو بياض فقد غاب الشفق ودخل وقتها بيقين الخبر في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا هو القول بالعموم والظاهر.
وأما من قال: حتى يغيب كل ما يسمى شفقا فقد خصص الحديث بلا معنى ولا برهان، وادعى أن المراد بذلك بعض ما يسمى شفقا وهو البياض، وأنه قد يغيب الشفق ولا يكون ذلك وقتا للعتمة، وذلك مغيب الحمرة. وهذا تخصيص للحديث بلا دليل، وإنما بينا هذا لئلا يموه مموه فيقول لنا: أنتم خصصتم الظاهر في هذا المكان، ولئلا يدعوا أنهم قالوا بعمومه في هذا المكان.
وقالوا: نرجح أحد الخبرين بأن يكون أحدهما يضيف إلى السلف نقصا والآخر لا يضف إليهم ذلك، فيكون الذي لا يضيف إليهم ذلك النقص أولى، ومثلوا ذلك بمثال لا يصح، فذكروا حديثين وردا في إعادة الوضوء من القهقهة في الصلاة، وفي إسقاط الوضوء منها وكلا الحديثين ساقط لا يصح. أحدهما رواه الحسن بن دينار وهو ضعيف، وروي مرسلا من طريق أبي العالية وقد