بينا أن المرسل لا تقوم به حجة، والآخر رواه أبو سفيان عن جابر، وأبو سفيان طلحة بن نافع ضعيف.
ولكنا نمثل في ذلك مثالا يصح، وذلك الحديث المروي أن امرأة مخزومية سرقت، فشفع فيها أسامة ألا تقطع يدها، فأنكر عليه السلام على أسامة رضي الله عنه وقال له: يا أسامة أتشفع في حد من حدود الله تعالى.
وروي أيضا: أن امرأة كانت تستعير المتاع وتجحده، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع يدها، فشفع فيها أسامة، فقال من رجح إحدى الروايتين بما ذكرنا، محال أن يزجر النبي صلى الله عليه وسلم أسامة عن أن يشفع في حد ثم يعود لمثل ذلك، فراموا أن يثبتوا بذلك أنها قصة واحدة وامرأة واحدة، وأنها قطعت للسرقة لا لجحد العارية.
قال علي: هذا لا معنى له ولا حجة فيه، لأننا لم نقل إن أسامة رضي الله عنه أقدم على ذلك وهو يعلمه حدا، وليس في الحديث زجر، وإنما فيه تعليم ولسنا ننكر على أسامة وغير أسامة جهل شريعة ما حتى يعلمه إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن قال في خبر ورد في سارقة، وخبر ورد في مستعيرة إنها قصة واحدة، فقد كان كابر وقال بغير برهان، وقفا ما ليس له به علم.
وأما نحن فنقول يقينا بغير شك: إن حال المستعيرة غير حال السارقة، وإن العارية والجحود غير السرقة، وإنهما قضيتان متغايرتان بلا شك، ثم لسنا نقطع على أنهما امرأتان، ولا على أنها امرأة واحدة، لان كل ذلك ممكن، وقد يمكن ولو كانت امرأة واحدة أن تكون سرقت مرة فقطعت يدها، ثم استعارت فجحدت فقطعت يدها الثانية، والله تعالى أعلم، وإنما نقول ما روينا وصحح عندنا، ولا نزيد من رأينا ما لم نسمع، ولا قام به برهان، فنحصل في حد الكذب، ونعوذ بالله من ذلك، إلا أننا نقول: إنا قد روينا بالسند الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقطع يد امرأة استعارت المتاع وجحدته، فنحن نقطع يد كل مستعير جاحد إذا قامت عليه بذلك بينة، أو علم بذلك الحاكم، أو أقر هو بذلك.
ونقول قد روينا أنه عليه السلام قطع يد من سرق، فنحن نقطع يد من سرق إذا ثبت عليه شئ مما ذكرنا. هذا على أن حديث قطع المستعيرة قد روي من