وفي تمام صيام الآكل ناسيا، وفي التحريم بخمس رضعات، وفي قضاء الصيام عمن مات وعليه صوم، وفي ألا يحنط المحرم الميت، وفي مئين من الاحكام، ثم لا يستحي من أن يقول: لا أجلد الزاني المحصن. وقد جاء القرآن بجلد كل زان ولم يخص محصنا من غيره، فقال تعالى: * (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولم يخص تعالى من ذلك إلا الإماء والعبيد فقط. فتركوا القرآن كما ترى والسنة الصحيحة من طريق عبادة في إيجاب الجلد على الزاني محصنا كان أو غير محصن، لظن ظنوه في أن ماعزا رجم ولم يجلد، وقد علمنا وجه قول المعتزلة لا نأخذ بالحديث إلا حتى نجد حكمه في القرآن، وما علمنا وجها لقول من قال لا نأخذ بالقرآن حتى يأتي حكمه في الحديث. وهذا هو نفس قول إخواننا، وفقهم الله في هذا المسألة، وإنما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجلد ماعزا، من طريق ساقطة لا يقوم به حجة.
وقد فعل مثل ذلك أيضا بعضهم، فسمع القرآن قد نزل بقوله تعالى: * (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) * فقالوا: لا نستعيذ إذا قرأنا في الصلاة، لأنه لم يأت خبر بإيجاب الاستعاذة، فمرة يتركون الاخبار الصحاح لأنها لم تذكر أحكامها في القرآن، ومرة يتركون القرآن لان حكمه لم يأت به خبر، فأين تطلب مذاهب هؤلاء القوم، وكيف يستجيزون هذه العظائم الشنيعة التي لا تطرد مع خطئها، وعدم الحجة عليها وقيام البرهان على بطلانها.
وقد اعترض بعضهم في ترك الاستعاذة بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:
كان يفتتح القرآن بالحمد لله رب العالمين.
قال علي: وهذا من غريب احتجاجهم، وليت شعري متى قلنا لهم إن الاستعاذة قراءة يحتجون علينا بها، وإنما قلنا لهم: إن الاستعاذة قبل القراءة، وبعد ما روي من التوجيه والدعاء أثر التكبير، وأما استفتاح القراءة فبالحمد لله رب العالمين بلا شك، ولا نقول غير ذلك.
قال علي: فإن قالوا لنا: أتقولون إن ماعزا جلده النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه عليه السلام كان يستعيذ قبل القراءة في الصلاة؟ قلنا لهم وبالله تعالى التوفيق: إنا نقول ونقطع