مع رجل في صفه، وهذا ما لا خلاف فيه، فأخذنا بحديث جدة أنس بن مالك في النساء، وبحديث وابصة في الرجال، لأنه جاء منصوصا في رجل صلى خلف الصف، فأخذنا بكلا الحديثين، وأطعنا أمره عليه السلام في جميع الوجهين، ولم نعص شيئا من أحكامه عليه السلام، ولا ضربنا بعضها ببعض، ولا أبطلنا بعضها ببعض، ولم نجعل فيها اختلافا وليس من ترك حديث وابصة لحديث جدة أنس بأولى من أن يكون مصيبا ممن ترك حديث جدة أنس لحديث وابصة، فأبطل ذلك على المرأة كإبطاله على الرجل، وكل ذلك لا يجوز، وليس أحد الحديثين أولى بالطاعة من الآخر، والغرض أن يستعملا جميعا فيما ورد فيه، فيؤمر الرجل الذي يصلي خلف الصف وحده بالإعادة، ولا تؤمر المرأة.
وأما حديث ابن عباس: فإنه كبر مع النبي صلى الله عليه وسلم منفردا في مكان لا يصلح له الوقوف فيه، وهو جاهل بذلك غير عالم بالسنة فيه، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المكان الذي حقه أن يقف فيه، ولم يبطل ما عمل متأولا بغير علم، وكذلك نقول في الرجل المأمور بالإعادة، إنه لولا أن النهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد تقدم عن ذلك لما أمر بالإعادة.
وقد اعترض بعضهم باعتراضين غثين فقالوا: لعل أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ألا يعود، إنما كان من سعيه بالكد إلى الصلاة، فقيل لهم: نعم كذلك نقول: إنه عليه السلام نهاه بقوله: لا تعد عن كل عمل عمله على غير الواجب، وكان من أبي بكرة رضي الله عنه في ذلك الوقت أعمال منهي عنها، أحدها سعيه إلى الصلاة، والثاني تكبيره دون الصف، والثالث مشيه في الصلاة فعن كل ذلك نهاه عليه السلام بقوله: ولا تعد لا سيما وقد روينا نص قولنا بلا إشكال. كما حدثنا عبد الله بن ربيع قال: ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان الأسدي، ثنا أحمد بن جعفر، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا الحجاج بن المنهال السلمي، حدثنا ملازم بن عمرو الحنفي، عن عبد الله بن بدر، عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان، عن أبيه علي بن شيبان قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى الصلاة، ورجل فرد يصلي خلف الصف. فوقف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قضى الرجل صلاته ثم قال له