أن الله عز وجل قد أمر بجلد كل زان على كل حال، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حكم على الزاني المحصن بالجلد مع الرجم، وأنه عليه السلام لم يخالف ربه قط، ولا شك عندنا في أن ماعزا جلد مع الرجم، ولا ندري إن كان أمره بعد ورود النص بالجلد مع الرجم وقد يمكن أن يكون رجمه قبل نزول آية الجلد، فقد روينا بأصح طريق أنه قيل لبعض الصحابة رضوان الله عليهم في رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصن والمحصنة أكان ذلك قبل نزول سورة النور أم بعد نزولها؟ فقال: لا أدري ، فصح قولنا، وكذلك فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم فإنه جلد شراحة الهمدانية ثم رجمها.
وكذلك نقول أيضا إن الله عز وجل قد أمر كل قارئ بالاستعاذة، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخالف أمر ربه قط، ولا شك عندنا في وجوب الاستعاذة في الصلاة وقد استعاذ قبل القراءة جماعة من الصحابة. روينا ذلك عنهم بالسند الصحيح، وما روي إنكار ذلك عن أحد منهم، ولا يبطل ما صح بقول القائل لعله نسخ، ولا بأن يروى أنه عليه السلام كرره وكذلك إن كان أمرا فلا يبطل بألا يروى أنه عليه السلام فعله، وقد بينا أن الامر ساعة وروده يلزم ما لم يتيقن نسخه، ولو كان الامر لا يصح إلا بأن يكرر للزم مثل ذلك في التكرار، وفي تكرار التكرار إلى ما لا نهاية له، وللزم مثل ذلك في الافعال، فكان لا تصح شريعة أبدا. وهذا قول يؤدي إلى إبطال جميع الشرائع وإلى الكفر، وليس الامر الثاني بأوكد من الأول أصلا.
قال علي: ثم نعكس عليهم هذا السؤال الفاسد فنقول لمن كان منهم مالكيا أتقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الزكاة من زيت الفجل، ومن الفول والعلس ومن عروض التجارة، وقد كان ذلك موجودا بالمدينة، وكانت التجارة هي الغالبة على المهاجرين، ومعاش جميع أهل مكة لا نحاشي منهم أحدا في أيامه عليه السلام وهل حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في الثمار، وقد كانت تتبايع على عهده بالمدينة بلا شك؟.