رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ذلك باطل، وفيه أيضا أن حكمه عليه السلام في عين ما حكم على جميع نوع تلك العين، لأنه إنما وقع الكلام على حلة سيراء كان يبيعها عطارد، ثم أخبر عليه السلام أن ذلك حكم جار في كل حلة حرير.
وأخبر أن ذلك الحكم لا يتعدى إلى غير نوع اللباس، وهذا هو نص قولنا في عموم الحكم وإبطال القياس.
قال علي: وقد استعمل قوم بعض الوجوه الذي ذكرنا في غير موضعه، ونحن نوقف على ذلك ونرى منه طرفا ليتنبه الطالب للعلم على سائره إذا ما ورد عليه إن شاء الله عز وجل، وما توفيقي إلا بالله.
وذلك أننا قد قلنا باستعمال الحديثين إذا كان أحدهما أقل معاني من الآخر، بأن يستثنى الأقل من الأكثر، فيستعمل الأقل معاني على عمومه، ويستعمل الأكثر معاني - حاشا ما أخرجنا منه بالاستثناء المذكور - على ما بينا قبل - فورد حديث النبي صلى الله عليه وسلم فيه النهي عن استقبال القبلة واستدبارها لبول أو غائط، وورد حديث عن ابن عمر أنه أشرف على سطح فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا لحاجته على لبنتين وهو مستدبر القبلة.
قال علي: فقال قوم: نستبيح استدبار القبلة واستقبالها في البنيان، ونمنع منه في الصحارى.
قال علي: وأخطأوا من وجهين: أحدهما، تحكمهم في الفرق بين البنيان وغيره وليس في شئ من الحديثين نص ولا دليل على ذلك، بل وجدنا أبا أيوب الأنصاري - وهو بعض رواة حديث النهي - قد أنكر ذلك في البيوت، فلو عكس عاكس فقال: بل يستباح ذلك في الصحارى ولا يستباح في البنيان، هل كان يكون بينهم وبينه فرق؟ ومثل هذا في دين الله تعالى لا يستسهله ولا يتمادى عليه - بعد أن يوقف عليه - ذو ورع، لقوله تعالى: * (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) * مع آيات كثيرة تزجر عن ذلك وليس في حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بنيان، بل قد وصفت عائشة