لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) * فأخبر عز وجل أن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم وحي من عنده، كالقرآن في أنه وحي، وفي أنه كل من عند الله عز وجل، وأخبرنا تعالى أنه راض عن أفعال نبيه صلى الله عليه وسلم، وأنه موفق لمراد ربه تعالى فيها لترغيبه عز وجل في الائتساء به عليه السلام، فلما صح أن كل ذلك من عند الله تعالى، ووجدناه تعالى قد أخبرنا أنه لا اختلاف فيما كان من عنده تعالى - صح أنه لا تعارض ولا اختلاف في شئ من القرآن والحديث الصحيح، وأنه كله متفق كما قلنا ضرورة، وبطل مذهب من أراد ضرب الحديث بعضه ببعض، أو ضرب الحديث بالقرآن، وصح أن ليس شئ من كل ذلك مخالفا لسائره، علمه من علمه، وجهله من جهله، إلا أن الذي ذكرنا من العمل هو القائم في بديهة العقل الذي يقود إليه مفهوم اللغة التي خوطبنا بها في القرآن والحديث، وبالله تعالى التوفيق، وكل ذلك كلفظة واحدة وخبر واحد موصول بعضه ببعض، ومضاف بعضه إلى بعض، ومبني بعضه على بعض، إما بعطف وإما باستثناء، وهذان الوجهان - نعني العطف والاستثناء - يوجبان الاخذ بالزائد أبدا. وقد بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم - في حلة عطارد - إذ قال لعمر رضي الله عنه: إنما يلبس هذه من لا خلاق له ثم بعث إلى عمر حلة سيراء فأتاه عمر فقال: يا رسول الله أبعثت إلي هذه، وقد قلت في حلة عطارد ما قلت؟ فقال عليه السلام: إني لم أبعثها إليك لتلبسها وفي بعض الأحاديث: إنما بعثتها إليك لتصيب بها حاجتك أو كلاما هذا معناه.
ففي هذا الحديث تعليم عظيم لاستعمال الأحاديث والنصوص والاخذ بها كلها، لأنه صلى الله عليه وسلم أباح ملك الحلة من الحرير وبيعها وهبتها وكسوتها النساء، وأمر عمر أن يستثني من ذلك اللباس المذكور في حديث النهي فقط، وأن لا يتعدى ما أمر إلى غيره، وألا تعارض بين أحكامه عليه السلام قال علي: وفي هذا الحديث إبطال القياس، لان عمر رضي الله عنه أراد أن يحمل الحكم الوارد في النهي عن اللباس على سائر وجوه الانتفاع به، فأخبره