، والمرأة وخالتها، مع قوله تعالى، وقد ذكر ما حرم من النساء. ثم قال تعالى وأجل لكم ما وراء ذلكم فكان نهي النبي صلى الله عليه وسلم مضافا إلى ما نهى الله عنه في هذه الآية المذكورة، ومثل ما حرم الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من لحوم الحمر والسباع وذوات المخالب من الطير، مع قوله تعالى: * (قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة) * الآية. فكان ما حرمه الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم مضافا إلى ما في هذه الآية ومضموما معه، وكذلك ما روي عن مسحه عليه السلام برأسه ثلاثا واثنتين وواحدة، وعلى ناصيته وعمامته، وعلى عمامته فقط كل ذلك مضموم بعضه إلى بعض، وشرائع لازمة كلها، وقد سقط ههنا قوم أساؤوا النظر جدا، فقالوا: إن ذكر بعض ما قلنا في نص ما، وعدمه في نص آخر، دليل على سقوطه.
قال علي: وهذا إقدام عظيم، وإسقاط لجميع الشرائع، ويجب عليهم من هذا أن كل شريعة لم تذكر في كل آية وفي كل حديث هي ساقطة وهذا كفر مجرد، لأنه لا فرق بين من قال لما قال الله تعالى: وأشهدوا إذا تبايعتم ولم يذكر الافتراق وقال عليه السلام: إذا اختلف المتبايعان فالقول ما قال البائع أو يترادان فلم يذكر الافتراق، دل ذلك على سقوط حكم الافتراق، وعلى تمام البيع دونه، فلا فرق بين هذا الكلام وبين من قال لما لم يذكر الله تعالى ورسوله عليه السلام في الآية المذكورة النهي عن بيع الغرر، وعن الملامسة والمنابذة، وعن بيع الخمر والخنازير، وجب أن يكون كل ذلك مباحا، ولما لم يذكر الله تعالى في قوله : قل لا أجد فيما أو حي إلى محرما على طاعم يطعمه الآية. إن العذرة حرام، وإن الخمر حرام، وجب أن يكون حلالا، وهذا الكلام مع أنه كفر فهو ساقط جدا، لأنه لا يلزم تكرير كل شريعة في كل حديث، ولو لزم ذلك لبطلت جميع شرائع الدين أولها عن آخرها، لأنها غير مذكورة في كل آية ولا في كل حديث.
قال علي: ويبين صحة ما قلنا - من أنه لا تعارض بين شئ من نصوص القرآن ونصوص كلام النبي صلى الله عليه وسلم وما نقل من أفعاله - قول الله عز وجل مخبرا عن رسوله عليه السلام: * (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى) * وقوله تعالى:
* (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وقال تعالى * (ولو كان من عند غير الله