الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ١٥٢
طاعة كل ذلك علينا. وقد صدق الله تعالى هذا القول إذ يقول: * (من يطع الرسول فقد أطاع الله) * وهي أيضا مثل القرآن في أن كل ذلك من عند الله تعالى قال الله عز وجل: * (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى) قال علي: ولا خلاف بين المسلمين في أنه لا فرق بين وجوب طاعة قول الله عز وجل: * (وأقيموا الصلاة) * وبين وجوب طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في أمره: أن يصلي المقيم الظهر أربعا، والمسافر ركعتين، وأنه ليس ما في القرآن من ذلك بأوجب ولا أثبت مما جاء من ذلك منقولا نقلا صحيحا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كانوا قد اختلفوا في كيفية الطريق التي بها يصح النقل فقط.
قال علي: وقد روينا في هذا الحديث من بعض الطرق: إنها لمثل القرآن وأكثر.
قال علي: ولا نكرة في هذا اللفظ لأنه صلى الله عليه وسلم إنما أراد بذلك أنها أكثر عددا مما ذكر في القرآن، وهذا أمر تعلم صحته بالمشاهدة، لان الفرائض الواردة في كلامه صلى الله عليه وسلم بيانا لأمر ربه تعالى أكثر من الفرائض الواردة في القرآن.
قال علي: فإذا ورد النصان كما ذكرنا، فلا يخلو ما يظن به التعارض منهما، وليس تعارضا - من أحد أربعة أوجه لا خامس لها، إما أن يكون أحدهما أقل معاني من الآخر، أو يكون أحدهما حاظرا والآخر مبيحا، أو يكون أحدهما موجبا والثاني نافيا، فواجب ههنا أن يستثنى الأقل معاني من الأكثر معاني، وذلك مثل أمره عليه السلام ألا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت، وأذن للحائض أن تنفر قبل أن تودع فوجب استثناء الحائض من جملة النافرين، وكذلك حديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الرطب بالتمر مع إباحة ذلك في العرايا فيها دون خمسة أوسق، ومثل أمر الله عز وجل بقطع (يد) السارق والسارقة جملة مع قوله عليه السلام: لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا فوجب استثناء سارق أقل من ربع دينار من القطع، وبقي سارق ما عدا ذلك على وجوب القطع عليه، وكذلك تحريمه تعالى أمهات الرضاعة، مع قوله صلى الله عليه وسلم:
لا تحرم الرضعة والرضعتان ونسخ العشر المحرمات بالخمس المحرمات، فوجب استثناء ما دون الخمس رضعات من التحريم، ويبقى الخمس فصاعدا على
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258